الجزء الثلاثون سورة عبس

قال تعال : ( عبس وتولى ) أى أعرض عنه ( أن جاءه الأعمى ) وهو عبد الله بن أم مكتوم وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخاطب المشركين فجاءه عبد الله بن أم مكتوم وهو ممن أسلم قديماً فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وما يدريك لعله يذكى ) يحصل له طهارة فى نفسه ( أو يذكر فتنفعه الذكرى ) يحصل له اتعاظ وازدجار عن المحارم ( أما من استغنى فأنت له تصدى ) أما الغنى فأنت تتعرض له لعله يهتدى ( وما عليك ألا يذكى ) أى ما أنت بمطالب به إذا لم يحصل له زكاة ( وأما من جاءك يسعى ) يقصد ويؤمك ( وهو يخشى ) أى يخاف الله ( فأنت عنه تلهى ) تتشاغل ( كلا إنها تذكرة ) أى هذه السورة أو الوصية بين الناس بالمساواة فى إبلاغهم العلم وغير ذلك قال قتادة : ( كلا إنها تذكرة ) أى القرآن ( فمن شاء ذكره ) أى من شاء ذكر الله فى جميع أموره ( فى صحف مكرمه) أى هذه السورة أو العظة كلاهما متلازم بل جميع القرآن فى صحف مكرمة معظمة وموقرة ( مرفوعة مطهرة ) عالية القدر ( بأيدى سفرة ) هى الملائكة قاله بن عباس وقال وهب بن منبه : هم أصحاب رسول الله وقال قتادة : هم القراء والصحيح الأول ( كرامٍ برره ) خلقهم كريم حسن شريف وأفعالهم بارة طاهرة قال صلى الله عليه وسلم ( الذى يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البرره ) ( قُتل الإنسان ما أكفره ) قال بن عباس : لعن الإنسان ؛ قال بن جريج ” ما أكفره ” ما أشد كفره وقال قتادة : ما ألعنه ( من أى شئ خلقه 0 من نطفة خلقه فقدره ) أى قدر أجله ورزقه وعمله شقى أم سعيد ( ثم السبيل يسره ) قال بن عباس : يسر عليه خروجه من بطن أمه ؛ وقيل سهل عليه علمه ( ثم أماته فأقبره ) بعد خلقه له أماته فأقبره أى جعله ذا قبر ( ثم إذا شاء أنشره ) أى بعثه بعد موته ( كلا لما يقض ما أمره ) ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر من أنه قد أدى حق الله عليه ونفسه وماله ؛ وقيل لا يقضى أحد أبداً كل ما افترض عليه قاله البغوى ح وقيل لا يفعله الآن حتى تنقضى المدة ويفرغ القدر من بنى آدم ممن كتب الله أن سيوجد منهم ويخرج إلى الدنيا وقد أمر به تعالى كوناً وقدراً فإذا انتهى ذلك عند الله أنشر الله الخلائق وأعادهم كما بدأهم ( فلينظر الإنسان إلى طعامه ) فيه استدلال على غحياء النبات من الرض الهامدة على إحياء الأجساد بعدما كانت عظاماً بالية وتراباً متمزقة ( انا صببنا الماء صبا ) أنزلناه من السماء إلى الأرض ( ثم شققنا الأرض شقا ) اى أسكناه فيها ( فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقبا ) الحب كل ما يذكر من الحبوب والقب هو الصفصفة التى تأكلها الدواب ( وزيتوناً ) هو آدم وعصير آدم ويُدهن به ( ونخلا ) يؤكل بلحه ( وحدائق ) بساتين ( غُلبا ) أى طوال وقيل غلاظ الأوساط ( وفاكهة وأبا ) الفاكهة كل ما يتفكه به والأب ما تنبته الأرض مما تأكله الدواب ( متاعاً لكم ولأنعامكم ) أى عشية لكم ولأنعامكم ( فإذا جاءت الصاخة ) إسم ليوم القيامة ( يوم يفر المرء من أخيه – وأمه وأبيه – وصاحبته وبنيه – لكل امرئ منهم يومئذ شأن يُغنيه  ) أى يراهم ويفر منهم ( وجوه يومئذ مسفرة – ضاحكة مستبشرة ) أى مستنيرة مسرورة فرحة من السرور ( ووجوه يومئذ عليها غبره – ترهقها قطره ) أى يعلوها سواد الوجه ( أولئك هم الكفرة الفجرة ) أى الكفرة قلوبهم الفجرة فى أعمالهم   


المزيد في: تفسير

اترك تعليقاً