آيات الأحكام فى سور القرآن الجزء الثانى سورة البقرة 4

قال تعالى : ( كُتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ) هذه آية الوصية وليس فى القرآن الكريم ذكر الوصية إلا فى هذه الآية وفى سورة النساء ( من بعد وصية ) وفى المائدة ( حين الوصية ) والتى فى سورة البقرة أتمها و أكملها وهى عبارة عن كل شئ يُؤمر بفعله ويُعهد به فى الحياة وبعد الموت وخصصها العُرف بما يُعهد بفعله وتنفيذه بعد الموت

* اختلف العلماء فى وجوب الوصية على من خلف مالاً بعد إجماعهم على أنها واجبة على من قبله ودائع وعليه ديون أكثر العلماء على أن الوصية غير واجبة على من ليس قبله شئ وهو قول الشافعى ومالك ؛ وقالت طائفة أخرى : أنها واجبة على ظاهر القرآن وهو قول الزهرى ؛ قال أبو ثور : ليست واجبة إلا على رجل عليه دين أو عنده مال لقوم واحتج الأولون بقول رسول الله : ( ما حق امرئ مسلم له شئ يريد أن يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ) قال عبد الله : ما مرت على ليلة منذ سمعت رسول الله قال ذلك إلا وعندى وصيتى ؛ ومن قال بأنها ليست واجبة قالوا : لو كانت واجبة لم يجعلها إلى إرادة الموصى ولكان ذلك لازماً على كل حال

* ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز لأحد أن يُوصى بأكثر من الثلث إلا أبا حنيفة فإنه قال : إن لم يترك الموصى ورثة جاز له أن يُوصى بماله كله وقالوا إن الإقتصار على الثلث فى الوصية إنما كان من أجل أن يدع ورثته أغنياء لقول رسول الله : ( إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس )

* أجمع العلماء على أن من مات وله ورثة فليس له أن يُوصى بجميع ماله

* أجمعوا على أن للإنسان أن يغير وصيته ويرجع فيما شاء منها ؛ قال مالك : الأمر المجمع عليه عندنا أن الموصى إذا أوصى فى صحته أو مرضه بوصية فيها عتاقة من رقٍ أو غيره فإنه يغير من ذلك ما بدا له حتى يموت وإن أحب أن يطرحها ويسقطها فعل إلا أن يدبر فإن دبر مملوكاً فلا سبيل له إلى تغير ما دبر

* أجمع العلماء ألا يرجع فى اليمين بالعتق والعتق إلى أجل فكذا المدبر وبه قال أبو حنيفة والشافعى فقد ثبت عن رسول الله أنه باع مدبراً وأن عائشة دبرت جارية ثم باعتها

*اختلف العلماء فى الآية هل هى منسوخة ؟

قيل : محكمة ظاهرها العموم ومعناها الخصوص فى الوالدين لا يرثان كالكافر قاله الضحاك ؛ وقال الزهرى : الوصية واجبة فيما قل أو كثر ؛ قال بن المنذر : هى واجبة للوالدين اللذين لا يرثان والأقرباء الذين لا يرثون جائزة ؛ قال بن عباس : هى عامة ونسخ منها كل من كان يرث بآية الفرض قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قد أعطى كل ذى حق حقه فلا وصية لوارث ) قال بن عباس نسخت الوصية للوالدين بالفرض فى سورة النساء وثبت للأقربين الذين لا يرثون وبه قال الشافعى وغيره

* قال جمهور العلماء : إن المريض يُحجر عليه فى ماله ؛ وقال أهل الظاهر : لا يُحجر عليه لحديث سعد قال : عادنى رسول الله من وجع شُفيت منه على الموت فقلت يا رسول الله بلغ بى ما ترى من الوجع وأنا ذو مال لا يرثنى إلا بنت واحدة أفأتصدق بثلثى مالى ؟ ( قال : لا قلت أفأتصدق بشطره ؟ قال لا الثلث والثلث كثير )

* اختلفوا فى رجوع المجوزين للوصية فى حياة الموصى بعد وفاته قال طائفة : ذلك جائز عليهم وليس لهم الرجوع فيه وهو قول عطاء وأبو حنيفة والشافعى واختاره بن المنذر وفرق مالك فقال : إن أذنوا له فى صحته فلهم أن يرجعوا وإن أذنوا له فى مرضه حين يحجب عن ماله فذلك جائز عليهم وهو قول إسحاق واتفقوا أنه إذا أوصى بأكثر من ثلثه لأجنبى جاز بإجازتهم

* اختلفوا فى الرجل يُوصى لبعض ورثته بمال ويقول إن أجازها الورثة فهى له وإن لم يجيزوها فهو فى سبيل الله فلم يجيزوه قال مالك : إن لم تُجز الورثة ذلك رجع إليهم وهو قول الشافعى وأبو حنيفة

* جواز وصية البالغ العاقل غير المحجور عليه اختلفوا فى ذلك : قال مالك : المجمع عليه أن الضعيف فى عقله والسفيه والمصاب الذى يفيق أحياناً تجوز إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به وكذا الصبى إذا كان يعقل معنى ما أوصى به وأبو حنيفة قال : لا تجوز وصية الصبى 

* قال العلماء : المبادرة بكتابة الوصية ليست مأخوذة من هذه الآية إنما من حديث بن عمر رضى الله عنهما

* لا خلاف أنه إذا أوصى بما لا يجوز مثل أن يُوصى بخمر أو خنزير أنه يجوز تبديله ولا يجوز إمضاؤه كما لا يجوز إمضاء ما زاد على الثلث

* من لم يضر فى وصيته كانت كفارة لما ترك من زكاة قال صلى الله عليه وسلم : ( من حضرته الوفاة فأوصى فكانت وصيته على كتاب الله كانت كفارة لما ترك من زكاته )


المزيد في: تفسير

اترك تعليقاً