تفسير الجزء التاسع والعشرون سورة الجن

قال تعالى : ( قل أوحى إلىَّ أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنَّا سمعنا قرآناً عجبا ) يخبر الله تعالى رسوله أن الجن استمعوا القرآن وآمنوا به ووصفوه بـ ( يهدى إلى الرشد ) إلى السداد والنجاح ( فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ) اتبعناه ولن نرجع إلى الكفر بالله أبدا ( وأنه تعالى جَدُ ربنا ) تعالى ربنا ( ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ) تنزه تعالى عن اتخاذ الصاحبة والولد (وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا ) أى باطلاً وزوراً (وأنَّا ظننا ألن تقول الجن والإنس على الله كذبا ) ما حسبنا أن الإنس والجن يتمالئون على الكذب على الله ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا) كنا نرى أن لنا فضلاً على الإنس لأنهم يعوذون بنا إذا نزلوا وادياً وازدواهم إثماً وقيل “رهقاً اذدادت الجن عليهم جرأة وقيل خوفاً ( “( وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحد ) أى لن يبعث الله بعد هذه المدة رسولاً  ( وأنَّا لمسنا السماء فوجدناها مُلئت حرساً شديداً وشُهبا ) من يريد أن يسرق السمع يجد له شهاباً رصدا ( وأنَّا لا ندرى أشر أُريد بمن فى الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) لا ندرى أشر أريد بمن فى الأرض ( وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا ) أى طرائق مختلفة ( وأنَّا ظننا أن لن نعجز الله فى الأرض ولن نعجزه هربا ) نعلم أن قدرة الله حاكمة علينا وأنا لا نعجزه فى الأرض ( وأنَّا لما سمعنا الهدى أمنا به ) يفتخرون بذلك وهو مفخر لهم ( فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقا ) لا يخاف أن ينقص من حسناته أو يحمل عليه غير سيئاته ( وأنَّا منا المسلمون ومنا القاسطون ) منا المسلم ومنا القاسط أى الجائر عن الحق الناكب عنه ( فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا ) سلكوا طريق النجاة والفوز ( وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) وقوداً تُسعر بهم ( وألوا استقاموا على الطريقة ) أى على طريق الإسلام وقيل الضلال ( لأسقيناهم ماء غدقا) أى كثير والمراد بع سعة فى الرزق (  لنفتنهم فيه) لنختبرهم فيه (  ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذاباً صعدا ) موجعاً لا رحمة فيه ( وأنَّا المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) قال بن عباس لم يكن فى الأرض يومئذ إلا المسجد الحرام ومسجد بيت المقدس ( وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا ) لما رأوا رسول الله يصلى وأصحابه يركعون ويسجدون عجبوا من طواعية أصحابه له وقيل : تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوا نور الله فأبى الله إلا أن ينصره ( قل إنما أدعوا ربى ولا أشرك به أحداً ) أعبد ربى وحده لا شريك له ( قل إنى لا أملك لكم ضراً ولا رشدا ) ليس إلى من الأمر شئ فى هدايتكم ولا غوايتكم بل المرجع لله ( قل إنى لن يجيرنى من الله أحد ) لا ملجأ لى ولا ناصر لى إلا الله ( ولن أجد من دونه ملتحدا 0 إلا بلاغاً من الله ورسالاته ومن يعصى الله ورسول فإن له نار جهنم خالدين فيها أبد ) من يعصى الله بعد ذلك فجزاؤه جهنم خالداً فيها (حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصراً وأقل عددا ) من التمكين من الله لرسوله فسيعلمون أن الغلبة لله ولرسوله ( قل إن أدرى أقريب ما توعدون أم يجعل له ربى أمدا ) أى مدة طويلة ( عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ) يعم الرسول البشرى والملكى ( فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) يخصه بمزيد معقبات من الملائكة يحفظونه ( ليعلم ) رسول الله ( أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شئ عددا ) ليعلم نبى الله أن الرسل قد بلغت عن الله تعالى  


المزيد في: تفسير

اترك تعليقاً