آيات الأحكام فى سور القرآن الجزء الأول سورة البقرة 2

قال تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة ) هذه الآية أصل فى تنصيب إمام  وخليفة يُسمع له ويُطاع لتجتمع به الكلمة وهو واجب عند العلماء أجمع الصحابة على تقديم أبو بكر الصديق لما حدث خلاف بين المهاجرين والأنصار ثم إن أبا بكر عهد بها إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنها ولم يقل أحد إن هذا أمر غير واجب علينا ولا عليك

قالت الرافضة : يجب نصب الإمام عقلاً وإن السمع ورد على جهة التأكيد لقضية العقل فأما معرفة الإمام فذلك مدرك من جهة السمع دون العقل وهذا فاسد لأن العقل لا يُقبح ولا يُحسن وإنما ذلك من جهة الشرع

ذهبت الإمامية إلى أن الطريق إلى معرفة الإمام النص من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مدخل للإختيار فيه وعندنا النظر طريق إلى معرفة الإمام وإجماع أهل الإجتهاد طريق إليه أيضاً وأبطلوا القياس ثم اختلفوا إلى ثلاث فرق 1- فرقة تدعى النص على أبى بكر 2- أخرى على العباس 3- وفرقة تدعى على على رضى الله عنهم

احتجت الإمامية بالنص على إمامة على رضى الله عنه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه ) اختلف العلماء فى صحته وقد طعن فيه ابو داود السجستانى والرازى واستدلوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مزنية وجهينة وغفار وأسلم موالى دون الناس كلهم ليس لهم مولى دون الله ورسوله ) قالوا : فلو كان قد قال من كنت مولاه فعلى مولاه لكان أحد الخبرين كذبا 

جواب آخر : هو أن الخبر إن كان صحيحاً رواه ثقات فليس يدل على الإمامة وإنما يدل على الفضيلة

* اختلفوا فيما يكون به الإمام إماماً

1- طريق النص وبه قال الحنابلة والحسن البصرى وطائفة من الخوارج

2- التخيير إليهم فى تعيين واحد منهم كما فعل الصحابة

3- أهل الحل والعقد وذلك أن الجملة فى مصر من الأمصار إذا مات إمامهم ولم يكن لهم إمام ولا استخلف أقام أهل ذلك المصر إمامً لأنفسهم اجتمعوا عليه ورضوا به

* إن تغلب من له أهلية الإمامة وأخذها بالقهر والغلبة

سُئل سهل التسترى ما يجب علينا لمن غلب على بلادنا وهو إمام ؟ قال : تجبه وتؤدى إليه ما يُطالبك ولا تنكر فعاله ولا تفر منه

قال خويذ بن منداد : لو ثبت على الأمر من يصلح له من غير مشورة ولا إختيار وبايع الناس لم تمت البيعة

* شروط الإمام

1- أن يكون من قريش لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الأئمة فى قريش ) 2- أن يكون ممن يصلح أن يكون قاضياً 3- ان يكون ذا خبرة بأمر الحرب 4- أن يكون ممن لا تلحقه رقة فى إقامة الحدود ولا فزع من ضرب الرقاب 5- أن يكون حراً 6- أن يكون ذكراً 7- أن يكون سليم الأعضاء 8- أن يكون بالغاً 9- أن يكون عدلاً

* الإمام إذا نُصب ثم فسق بعد انبرام العقد قال الجمهور تنفسخ إمامته ويُخلع بالفسق الظاهر المعلوم لأن الإمام إنما يُقام لإقامة الحدود واستيفاء الحقوق فلو جوزنا أن يكون فاسقاً أدى إلى بطلان ما أُقيم لأجله وقال آخرون لا ينخلع إلا بالكفر أو ترك الصلاة فعن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنه يُستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضى وتابع قالوا يا رسول الله ألا نُقاتلهم ؟ قال : لا ما صلوا ) رواه مسلم

* يجب عليه أن يخلع نفسه إذا وجد فى نفسه نقص يؤثر فى الإمامة أما إذا لم يجد فى نفسه نقص فله أن يعزل نفسه ويعقد لغيره ؟ قال بعض العلماء ليس له أن يفعل ذلك وإن فعل لم تنخلع إمامته ومنهم من قال له أن يفعل ذلك والدليل على أن الإمام إذا عزل نفسه انعزل قول أبو بكر الصديق : ( أقيلونى أقيلونى ) وقول الصحابة : لا نُقيلك ولا نستقيلك قدمك رسول الله لديننا فمن ذا يؤخرك ؟

* إذا انعقدت الإمامة باتفاق أهل الحل والعقد وجب على الناس مبايعته على السمع والطاعة ومن تأبى عن البيعة لعذر أو لغير عذر جُبر وقُهر لئلا تُفرق كلمة المسلمين وإذا بويع لخليفتين فالخليفة الأول وقُتل الآخر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذ بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما )  

المصدر الجامع لأحكام القرآن للقرطبى


المزيد في: تفسير

اترك تعليقاً