تفسير الجزء التاسع والعشرون سورة نوح

قال تعالى : ( إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه ) يخبر الله تعالى أنه أرسله إلى قومه آمراً له أن ينذرهم بأس الله (  أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم ) بيين النذارة ظاهر الأمر وأوضحه ( قال يا قوم إنى لكم نذي مبين ) أرسلنى ربى لأنذركم عذابه (  أن اعبدوا الله واتقوه ) اتركوا محارمه واجتنبوها ( وأطيعون ) فيما آمركم به وأنهاكم عنه ( يغفر لكم من ذنوبكم ) أى غفر الله لكم ذنوبكم ( ويؤخركم إلى أجل مسمى ) أى يمد لكم فى أعماركم (  إن أجل الله إذا جاء لا يؤخو لو كنتم تعلمون ) لا يُرد ولا يُمانع ( قال رب ) اشتكى إلى ربه تعالى ما لقى من قومه وما صبر عليهم تلك المدة ( إنى دعوت قومى ليلاً ونهار ) لم أترك دعاءهم فى ليل او نهار إمتثالاً لأمرك ( فلم يزدهم دعائى إلا فرارا ) فروا عن الحق وحادوا عنه ( وإنى كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فى آذانهم ) سدوا أذانهم لئلا يسمعوا ما أدعوهم إليه ( واستغشوا ثيابهم ) تنكروا له لئلا يعرفهم ( وأصروا واستكبروا استكبار ) استمروا على عنادهم من الشرك والكفر واستكبروا أى استنكفوا عن اتباع الحق والإنقياد له (ثم إنى دعوتهم جهارا ) جهرة بين الناس ( ثم إنى أعلنت لهم ) أى كلاماً ظاهراً بصوت عال ( وأسررت لهم إسرار ) نوع فى الدعوة لتكون أنفع فيهم (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفار ) أى ارجعوا إليه وارجعوا عما أنتم فيه ( يرسل السماء عليكم مدرارا )متواصلة الأمطار ( ويمدد بأموال وبنين ) كثرة فى الرزق عليكم وسقاكم من بركات السماء وأعطاكم المال والبنين ( ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) لكم فى الجنة جنات من فواكه وأنها ( ما لكم لا ترجون لله وقارا ) أى عظمة (وقد خلقكم أطوارا ) مراحل نطفة ثم علقة ثم مضغة ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا) واحدة فوق أخرى (  وجعل القمر فيهنَّ نوراً 0 وجعل الشمس سرجا ) فاوت بيينهما فى الإستنارة ( والله أنبتكم من الأرض نباتا 0ثم يعيدكم فيها ويُخرجكم إخراجا ) يعيدكم إذا متم ويخركم يوم القيامة ( والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلاً فجاجا ) بساطا أى مهدها لكم لتستقروا عليها وتسلكوا فيها أينما شئتم من نواحيها( قال نوح رب إنهم عصونى ) أنهم عصوه وخالفوه وكذبوه ( واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ) اتبعوا أبناء الدنيا ممن غفلوا عن أمر الله (ومكروا مكراً كُبارا )أى عظيماً وقيل : كبيرا ( وقالوا لا تذرُنَّ آلهتكم 0 ولا تذرُنَّ وداً ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ) أسماء آلهتهم ( وقد أضلوا كثيرا ) يعنى الأصنام التى اتخذوها أضلوا بها خلقاً كثيرا (  ولا تزد الظالمين إلا ضلالا ) دعاء منه على قومه ( مما خطيئاتهم أُغرقوا ) أى من كثرة ذنوبهم وإصرارهم على الكفر ( فأُدخلوا نارا ) نقلوا من تيار البحار إلى حرارة النار ( فلم يجدوا لهم من دون الله أنصار ) لم يكن لهم معين ولا مغيث ينقذهم من عذاب الله تعالى ( وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) لا تترك على الأرض منهم أحد ( إنك إن تذرهم يُضلوا عبادك ) أى أضلوا عبادك الذين تخلقهم من بعدهم ( ولا يلد إلا فاجراً كفَّار ) فاجر فى الأعمال كافر القلب ( رب اغفر لى ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات) دعاء لكل من دخل منزله وهو مؤمن (  ولا تزد الظالمين إلا تبارا ) أى هلاكا


المزيد في: تفسير

اترك تعليقاً