آيات الأحكام فى سور القرآن الجزء الثانى سورة البقرة 2

قال تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهل به لغير الله )

الميتة : ما فارقته الروح من غير تذكية شرعية وما ليس بمأكول فذكاته كموته كالسباع وغيرها هذه الآية عامة يدخلها التخصيص بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أُحل لنا ميتتان الحوت والجراد ودمان الكبد والطحال ) أكثر الفقهاء يجيزون أكل دواب البحر حيها وميتها وهو مذهب مالك ؛ وتوقف أن يُجيب فى خنزير الماء قال : أنتم تقولون أنه خنزير ؛ قال أبو القاسم : أنا أتقيه ولا أراه حرماً

* ما مات من الجراد بدواء : أجاز أكله الشافعى وأبى حنيفة وغيرهما ومنع مالك وقال أشهب إن مات من قطع رجل أو جناح لم يؤكل لأنها حالة قد يعيش بها وينسل

* هل يُنتفع بالميتة أو بشئ منها أو بشئ من النجاسات ؟ قال مالك مرة يجوز لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على شاة ميمونة فقال : ( هلا أخذتم إهابها ) وقال مرة : يحرم فلا يجوز الإنتفاع بشئ منها ولا بشئ من النجاسات على وجه من وجوه الإنتفاع حتى لا يجوز أن يسقى الزرع ولا الحيوان الماء النجس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تنتفعوا من الميتة بشئ ) أما الناقة إذا نُحرت أو البقرة إذا ذبحت وكان فى بطنها جنين ميت جاز اكله من غير تذكية له فى نفسه إلا أن يخرج حياً فيذكيه ؛ وذلك أن الجنين إذا خرج منها بعد الذبح ميتاً جرى مجرى العضو من أعضائها ؛ ولو باع شاة واستثنى ما فى بطنها لم يجز كما لو استثنى عضو منها وكان ما فى بطنها تابعاً لها كسائر أعضائها ؛ عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن البقرة والشاة تذبح والناقة تُنحر فيكون فى بطنها جنين ميت فقال : ( إن شئت فكلوه لأن ذكاته ذكاة أمه ) رواه أبو داود

* جلد الميتة هل يطهر بالدباغ أو لا ؟ قال مالك : لا يطهر وقيل عنه : يطهر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما إهاب دُبغ فقد طهر ) ووجه قوله لا يطهر أنه جزء من الميتة لو أخذ منها فى حال الحياة كان نجساً فوجب ألا يطهر الدباغ قياساً على اللحم ويجوز الإنتفاع به فى الجلوس عليه 

* شعر الميت وصوفها طاهر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا باس بمسك الميتة إذا دُبغ وصوفها وشعرها إذا غسل ) لأنه كان طاهراً لو أخذ منها فى الحياة فكذا بعد الموت إلا أن اللحم لما كان نجساً فى الحياة كان كذلك بعد الموت

* إذا وقعت الفأرة فلها حالتان : إذا خرجت حية فهو طاهر وإن ماتت فله حالتان الأولى : أنه ينجس جميعه إذا كان مائعاً الثانية : إذا كان جامداً فينجس ما جاورها فتطرح ما حولها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن كان جامداً فاطرحوها وما حولها وإن كان مائعاً فأريقوه ) واختلف العلماء فى الغسل فقيل لا يطهر بالغسل لأنه مائعاً تنجس ؛ وقال أبو القاسم : يطهر لأنه جسم تنجس بمجاورة النجاسة فأشبه الثوب 

*  إذا وقع فى القِدر حيوان طائر أو غيره فمات ؛ قال مالك : لا يؤكل ما فى القِدر وقد تنجس بمخالطة الميتة قال بن القاسم : يغسل اللحم ويُراق المرق وبه قال بن عباس

* أما نفحة الميتة ولبنها ؛ قال الشافعى : نجس لقوله تعالى : ( حُرِمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) قال أبو حنيفة : طاهرتان وقال مالك : لا ينجس بالموت ولكن ينجس بمجاورته الوعاء النجس ؛ قال أبو عمر لا بأس بأكل طعام عبدة الأوثان والمجوس ما لم يكن من ذبائحهم ولم يحتج إلى ذكاة إلا الجُبن لما فيه من أنفحة الميتة

* ( والدم ) اتفق العلماء على تحريمه لنجاسته ما لم تعم به البلوى ومعفو عما تعم به البلوى والذى تعم به البلوى هو الدم فى اللحم والعروق ويسيره فى البدن والثوب يُصلى فيه ( مسفوحاً ) هو الدم المسفوح لأن ما خالط اللحم فغير حرام ؛ كذا الكبد والطحال مجمع عليه وفى دم الحوت خلاف ؛ روى القابسى أنه طاهر ويلزم عن ذلك أنه غير محرم ؛ قال بن العربى : لأنه لو كان دم السمك نسجاً لشرعت ذكاته ؛ قال أبو حنيفة بطهارته

* ( ولحم الخنزير ) ذكر اللحم من الخنزير ليدل على تحريم عينه ذكى أم لم يُذكى وكذا شحمه ؛ أما الخرازة بشعره فإنه يجوز لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا بأس بذلك ) واختلف العلماء فى خنزير الماء ؛ أبى مالك أن يُجيب فيه بشئ وقال : أنتم تقولون : خنزير

* ( وما أُهل لغير الله به ) ذكر عليه اسم غير الله كالمجوس وغيره ( وما ذُبح على النُصُب ) ما ذُبح للأنصاب والأوثان ( فمن اضطر غير باغ ) إلإضطرار لا يخلوا أن يكون من ظالم أو جوع عن بن القاسم قال : يشرب المضطر الدم ولا يشرب الخمر ويأكل الميتة ولا يقرب ضوال الإبل ؛ قال بن وهب : يشرب البول ولا يشرب الخمر

* سُئل مالك عن المضطر إلى أكل الميتة وهو يجد مال الغير ثمراً أو زرعاً ؛ قال : إن أمن الضرر على بدنه بحيث لا يعد سارقاً ويُصدق فى قوله أكل ؛ وذلك أحب إلىَّ من أكل الميتة فإن خشى ألا يصدقوه فإن أكل الميتة أجوز عندى وله فى أكل الميتة على هذه المنزلة سعة ؛ قال أبو حنيفة والشافعى : لا يجوز أن يتناول من الميتة إلا قدر ما يُمسك رمقه ؛ قال مسروق : من اضطر إلى أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل حتى مات دخل النار إلا أن يعفوا الله عنه ؛ وقال الطبرى : ليس أكل الميتة عند الضرورة رخصة بل هو عزيمة واجبة ولو امتنع كان عاصياً


المزيد في: تفسير

اترك تعليقاً