تفسير الجزء التاسع والعشرون سورة المعارج

قال تعالى : ( سأل سائل بعذاب واقع ) استعجل سائل بعذاب واقع قال بن عباس : ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله تعالى وهو واقع بهم ( للكافرين ليس له دافع ) مرصد معد للكافرين لا دافع له إذا أراد الله كونه ( من الله ذى المعارج ) قال بن عباس : ذى الدرجات وقال : العلو والفواضل ( تعرج الملائكة والروح إليه ) قال أبو صاع : خلق من خلق الله يشبهون الناس وليسوا ناساً ؛ وقيل : المراد به هو جبريل عليه السلام ( فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) قيل : المراد به المسافة بين العرش إلى أسفل سافلين وهو قرار الأرض السابعة ؛ وقيل : المراد به بقاء الدنيا منذ خلق الله العالم إلى قيام الساعة ؛ وقيل : اليوم الفاصل بين الدنيا والأخرة ؛ وقيل : المراد به يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم : ( إنه ليُخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها فى الدنيا ) ( فاصبر صبراً جميلا ) أى يا محمد اصبر على تكذيبهم إياك ( إنهم يرونه بعيدا ) أى وقوع العذاب ( ونراه قريبا ) أى المؤمنون يعتقدون كونه قريباً وأن أمده لا يعلمه إلا الله ( يوم تكون السماء كالمهل ) قال السدى : كدردى الزيت ( وتكون الجبال كالعهن ) أى الصوف المنفوش ( ولا يسئل حميم حميما ) أى قريب عن قريبه ( يُبصرونهم يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه ) أى  لايقبل منه فداء إذا رأى الأهوال لو جاء بأعز ما يجد من مال ( وصاحبته وأخيه ) زوجته وأخاه (وفصيلته التى تئويه ) قبيلته التى تناصره ( ومن فى الأرض جميعاً ثم يُنجيه ) وأهل الأرض لينجوه من عذاب الله ما فعلوا ( كلا إنها لظى ) شديدة الحر ( نزاعة للشوى ) قال مجاهد ما دون العظم من اللحم ( تدعوا من أدبر وتولى 0 وجمع فأوعى ) تدعوا النار إليها أبنائها الذين خلقهم الله لها وقيل : جمع المال بعضه على بعض ( إن الإنسان خُلق هلوعا ) ما هو مجبول عليه من الأخلاق الدنيئة ( إذا مسه الشر جزوعا ) فزع وجزع وانخلع قلبه ( وإذا مسه الخير منوعا 0 إلا المصلين ) وإذا أصابه خير منع حق الله فيه إلا من عصمه الله وهداه إلى الخير ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) يحافظون على أوقاتها ( والذين فى اموالهم حق معلوم ) نصيب مقدر لذى الحاجات منهم ( للسائل والمحروم ) ( والذين يصدقون بيوم الدين ) يوقنون بالمعاد والحساب ( والذين هم من عذاب ربهم مشفقون ) خائفون وجلون ( إن عذاب ربهم غير مأمون ) لا يأمنه احد ممن عقل ( والذين هم لفروجهم حافظون ) يكفونها عن الحرام ( إلا على أزواجهم أو ماملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ) إلا الإيماء (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) فمن أراد غير ذلك فأولئك المتجاوزون فى الحد مع الله ( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ) لم يغدروا ( والذين هم بشهاداتهم قائمون ) أى محافظون عليها لا يزيدون ولا ينقصون والذين هم على صلاتهم يحافظون 0 أولئك فى جنات مكرمون ) يحافظون على مواقيتها وأركانها فجزاؤهم الجنة ( فمال الذين قبلك مهطعين ) مسرعين نافرين منك (عن اليمين وعن الشمال عزين ) متفرقين (أيطمع كل امرئ أن يُدخل جنة نعيم ) مع نفارهم عن الحق يطمعون أن يدخلوا جنات النعيم كلا بل مأواهم جهنم ( كلا إنَّا خلقناهم مما يعلمون ) أى المنى الضعيف ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنَّا لقادرون ) والذى خلق السماوات والأرض ( على أن نُبدل خيراً منهم ) يوم القيامة نعيدهم بأبدانهم خير من هذه ( وما نحن بمسبوقين ) بعاجزين ( فذرهم يخوضوا ويلعبوا ) اتركهم يا محمد فى تكذيبهم وكفرهم وعنادهم ( حتى يُلاقوا يومهم الذى يوعدون 0 يوم يخرجون من الأجداث سراعاً كأنهم إلى نُصب يُوفضون ) لا يقومون من فبورهم إذا دعاهم الرب تعالى ( خاشعة أبصارهم ) خاضعة ( ترهقهم ذلة ) مقابل ما استكبروا فى الدنيا عن الطاعة لله (ذلك اليوم الذى كانوا يوعدون ) أى يوم القيامة ووعيد الله عز وجل لهم


المزيد في: تفسير

اترك تعليقاً