تفسير الجزء الثامن والعشرون سورة الصف
عن عبد الله بن سلام أن أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : لو أرسلنا إلى رسول الله نسأله عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل فلم يذهب إليه أحد منا وهِبنا أن نسأله عن ذلك فدعا رسول الله اولئك النفر رجلاً رجلاً حتى جمعهم ونزلت فيهم قول الله تعالى : ( سبح لله ) الصف قال عبد الله بن سلام : فقرأها علينا رسول الله كلها ومعناها مجدَّ وقدَّس( ما فى السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) كل ما فيهما ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) إنكار على من يعد وعداً أو يقول قولاً ولا يفى به بهذه الآية ؛ قال العلماء : يجب الوفاء بالوعد مطلقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا إئتمن خان ) ( كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما تفعلون ) عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : ( اتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا صبى فذهبت لأخرج لألعب فقالت أمى : يا عبد الله تعالى أعطىيك ؛ فقال لها رسول الله : وما أردت أن تعطيه ؟ قالت : تمراً فقال : أما إنك لو لم تفعلى كُتبت عليك كذبة ) ( إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفاً ) بين لهم فابتلوا يوم أُحد بذلك فولوا عن رسول الله مدبرين فأنزل الله تعالى الآية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُقاتل العدو إلا أن يُصافهم ( كانهم بنيان مرصوص ) ملتصق بعضه ببعض ؛ وقيل : مثبت لا يزول ملصق ببعضه ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذوننى وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم ) يخبر تعالى عن سيدنا موسى عليه السلام قوله بأنكم تعلمون صدق قولى فيما جئتكم به ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) فلما عدلوا عن اتباع الحق أزاغ الله قلوبهم عن الهدى ( والله لا يهدى القوم الفاسقين ) لا يهدى الخارجين عن طاعته ( وإذ قال عيسى بن مريم يا بنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدى من التوراة ومبشراً برسول ياتى من بعدى اسمه أحمد ) يعنى التوراة قد بشرت بى وانا مصدق لما أخبرت عنه وانا مبشر بمن بعدى وهو الرسول الأمى المكى أحمد ( فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ) لما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم قال الكافرون : هذا سحر مبين ( ومن أظلم ممن افترى على الكذب وهو يُدعى إلى الإسلام ) لا أحد اظلم ممن يفترى على الله الكذب وهو يدعى له نداً وشركاء ( والله لا يهدى القوم الظالمين 0يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ) يحاولون ان يردوا الحق بالباطل وهذا مستحيل ( والله متم نوره ولو كره الكافرون 0 هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليُظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) أرسل نبيه صلى الله عليه وسلم لينصره على المشركين ( يا أيها الذين ءامنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم 0 تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فى سبيل الله باموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) أى من تجارة افضل من تجارة الدنيا والكد لها والتصدى لها وحدها ( يغفر لكم ذنوبكم ) إن فعلتم ذلك ( ويُدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار ومساكن طيبة فى جنات عدن ذلك الفوز العظيم ) فيها ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وذلك هو الفوز والنجاة والسعادة ( وأخرى تُحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ) أشياء أُخرى تحبونها هى النصر على الأعداء ( يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله ) يأمر الله تعالى المؤمنين ان يكونوا أنصار الله فى جميع احوالهم وأن يستجيبوا لرسول الله كما استجاب الحواريون لعيسى بن مريم عليه السلام ( كما قال عيسى بن مريم للحوارين من أنصارى إلى الله قال الحواريون ) الحواريون هم اتباع سيدنا عيسى عليه السلام ( نحن أنصار الله ) أنصارك على ما أُرسلت به ( فئامنت طائفة من بنى إسرائيل وكفرت طائفة ) آزره من الحوارين من آزره وضلت طائفة عما جاءهم به ( فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين )نصرناهم على من عاداهم من فرق النصارى