شرح الكبائر مانع الزكاة 1

الزكاة هى الركن الركن الثالث من أركان الإسلام وهى فى اللغة بمعنى النماء والزيادة يقال : زكى الزرع إذا نما وتطلق على البركة ؛ يقال : زكت النفقة إذا بورك فيها ؛ وعلى كثرة الخير يقال : فلان زاك أى كثير الخير ؛ وتطلق على التطهير قال تعالى : ( قد أفلح من زكاها ) سورة الشمس آية 9 أى طهرها من الأدناس وتطلق أيضاً على المدح قال تعالى : ( فلا تزكوا أنفسكم ) سورة النجم آية 32

وشرعاً : هى إسم لقدر مخصوص من مال مخصوص يجب صرفه لأصناف مخصوصة —- مغنى المحتاج 1 / 268

حكمها : فرض عين على المسلم البالغ العاقل الحر العالم بفرضيتها ؛ وقد فرضت فى السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر ؛ والمشهور عند المحدثين أنها فرضت فى شوال السنة المذكورة — حاشية الباجورى 1 / 260

الأدلة على فرضيتها

1- من الكتاب قال تعالى : ( خُذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) سورة التوبة 102

2- من السنة ما روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ) سبق تخريجه

والزكاة أحد مبانى الإسلام وقد قرنها الله تعالى بالصلاة فقال : ( وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة ) البقرة آية 43

اما أنواع الزكاة وأقسامها وأسباب وجوبها فظاهر مشهور فى مظانه من كتب الفقه ولها شروط منها

أن  يخرج المنصوص عليه ولا يخرج القيمة فى الصحيح فإن من أجاز إخراج القيمة إنما تلمح سد الخلة فقط وسد الخلة ليس هو المقصود بل بعضه فإن واجبات الشرع ثلاثة أقسام

1- تعبد محض كرمى الجمار ؛ فمقصود الشرع فيه الإبتلاء بالعمل ليظهر عبودية العبد بفعل ما لا يعقل له معنى

2- ما لا يقصد منه التعبد ؛ بل المقصود منه حض محض كقضاء دين الآدمى ورد المغصوب ونحو ذلك ؛ وكذلك لا تعتبر فيه النية ولا الفعل بل كيفما وصل الحق إلى مستحقه حصل المقصود وسقط خطاب الشرع

3- مركب : وهو أن يقصد منه الأمران جميعاً إمتحان المكلف وحظ العباد فيجتمع فيه تعبد رمى الجمار وخظ رد الحقوق فلا ينبغى أن ينسى أدق المعنيين وهو التعبد — مختصر منهاج القاصدين 32

شروط آداء الزكاة

1- النية : وهو أن ينوى بقلبه زكاة الفرض ويسن عليه تعيين الأموال ؛ فإن كان له مال غائب فقال : هذا عن مالى إن كان سالماً وإلا فهو نافلة جاز ؛ إن لم يصرح به فكذلك يكون عند إطلاقه

2- البدار عقب الحلول وفى زكاة الفطر لا يؤخرها عن يوم الفطر

3- أن لا يخرج بدلاً باعتبار القيمة بل يخرج المنصوص عليه ؛ فلا يجزئ ورق عن ذهب ولا ذهب عن ورق وإن زاد عليه فى القيمة

4- أن لا ينقل الصدقة إلى بلد آخر فإن أعين المساكين فى كل بلدة تمتد إلى أموالها

5- أن يقسم ماله بعدد الأصناف الموجودين فى بلده فغن استيعاب الأصناف واجب وعليه يدل قوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله ) سورة التوبة

الآداب الباطنة

1- أن يفهم المراد من الزكاة وهو ثلاثة أشياء أولاً : ابتلاء مدعى محبة الله تعالى بإخراج محبوبه ثانياً : التنزه عن صفة البخل المهلك ثالثاً : شكر النعمة

2- الإسرار بإخراجها لكونه أبعد من الرياء والسمعة ؛ وفى الإظهار إذلال للفقير ؛ فإن خاف أن يتهم بعدم الإخراج أعطى من لا يبالى من الفقراء بالأخذ بين الجماعة علانية وأعطى غيره سراً

3- أن لا يفسدها بالمن والأذى وذلك أن الإنسان إذا رأى محسناً إلى الفقير منعماً بالإعطاء ربما حصل منه ذلك ؛ ولو حقق النظر لرأى الفقير محسناً إليه بقبول حق الله الذى هو طهرة له

4- أن يستصغر العطية فإن المستعظم للفعل معجب به وقد لا يتم المعروف إلا بثلاث بتصغيره وتعجيله وستره 

5- أن ينتقى من ماله أحله وأجوده وأحبه إليه أما الحل فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيب —- مختصر منهاج القاصدين 33 قال تعالى : ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ) البقرة 267

وفى الصحيحين من رواية أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من تصدق بعدل ثمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يُربى أحدكم فلوه حتى يكون مثل الجبل ) البخارى 1 / 141- ومسلم 1014

وعن أنى سعيد الخدرى قال : ( كنا نخرج غذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعاً من طعام أو صاعاً من أقط أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من زبيب فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبى سفيان حاجاً أو معتمراً فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال إنى أرى أن مدَّين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر فأخذ الناس بذلك ح قال أبو سعيد فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبداً ما عشت ) البخارى 3 / 372 ومسلم 7 /67

الأنواع التى تجب فيها الزكاة

1- النعم : ول تجب هذه الزكاة وغيرها إلا على مسلم ولا يشترط البلوغ بل تجب فى مال الصبى والمجنون ؛ هذا شرط من عليه ؛ وأما المال فشروطه خمسة أ- أن يكون نِعَماً سائمة ب- باقية حولاً ج-  نصاباً كاملاً د – مملوكة على الكمال

الشرط الأول : كونه نعماً فلا زكاة إلا فى الإبل والبقر والغنم وأما الخيل والبغال والحمير والمتولد من بين الظباء والغنم فلا زكاة فيها

الشرط الثانى : السوم : فلا زكاة فى معلوفة وإذا سميت فى وقت وعلقت فى وقت تظهر بذلك مؤنتها فلا زكاة فيها

الثالث : الحول

الرابع : كمال الملك والتصرف 

2- المعشرات : فيجب العشر فى كل مستنبت مقتات بلغ ثمانمائة منَّ ولا شئ فيما دونها ولا فى الفواكه والقطن ؛ ولكن الحبوب التى تقتات ؛ وفى التمر والزبيب ويعتبر أن تكون ثمانمائة من تمر أو زبيب لا رطباً وعنباً ويخرج بعد التجفيف

3- زكاة النقدين : فإذا تم الحول على وزن مائتى درهم بوزن مكة نقرة خالصة ففيها خمسة دراهم وهو ربع العشر وما زاد فبحسابه ولو درهماً ؛ ونصاب الذهب عشرون مثقالاً خالصاً بوزن مكة ففيها ربع العشر وما زاد فبحسابه ؛ وإن نقص من النصاب حبة فلا زكاة ؛ وتجب على من معه دراهم مغشوشة إذا كان فيها هذا المقدار من النقرة الخالصة 

4- زكاة التجارة : وهى زكاة النقدين ؛ وإنما ينعقد الحلول من وقت ملك النقد الذى به اشترى البضاعة إن كان النقد نصاصباً ؛ فإن كان ناقصاً أو اشترى بعرض على نية التجارة فالحلول من وقت الشراء ؛ وتؤدى الزكاة من نقد البلد وبه يقوَّم فإن كان ما به الشراء نقداً وكان نصاباً كاملاً كان التقويم به أولى من نقد البلد ؛ ومن نوع التجارة من مال قنية فلا ينعقد الحول بمجرد نيته حتى يشترى به شيئاً مهما قطع نية التجارة قبل تمام الحول سقطت الزكاة الأولى : أن تؤدى زكاة تلك السنة وما كان من ربح فى السلعة فى آخر الحول وجبت الزكاة بحول رأس المال

5- زكاة الركاز والمعادن : الركاز فى الجاهلية ووجد فى ارض لم يجر عليها فى الإسلام ملك فعلى واجده فى الذهب والفضة منه الخمس والحول غير معتبر والأولى أن لا يعتبر النصاب أيضاً لأن إيجاب الخمس يؤكد شبهة بالغنيمة ؛ أما المعادن فلا زكاة فيما استخرج منها سوى الذهب والفضة ففيها بعد الطحن والتخليص ربع العشر على أصح القولين وعلى هذا يعتبر النصاب —— إحياء علوم الدين 1 / 275 

روى مسلم فى صحيحه عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة ؛ وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة ؛ وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة ) البخارى 3 / 271

وقال صىل الله عليه وسلم ( فيما سقيت الأنهار والغيم العشور وفيما سُقِى َ بالسانية نصف العشر ) مسلم 7 / 54 السانية هو البعير الذى يُسقى به الماء من البئر

عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين ) مسلم 7 / 58


المزيد في: مختارات

اترك تعليقاً