شرح الكبائر عدل الإمام 1

لقد أوجب القرآن الكريم على الولاة أن يحكموا بين الناس بالعدل وكذا كل إنسان وضع فى موضع التحكيم لقوله تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) النساء آية 58 وقال تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون ) النحل آية 90 روى عن عثمان بن مظعون أنه قال لما نزلت هذه الآية قرأتها على على بن أبى طالب فتعجب فقال : يا آل غالب إتبعوا تفلحوا فوا الله إن الله أرسله إليكم ليأكرمك بمكارم الأخلاق

قال بن مسعود : هذه أجمع آية فى القرآن لخير يمتثل ولشر يجتنب وحكى الناقاش قال : زكاة العدل الإحسان وزكاة القدرة العفو وزكاة الغنى المعروف وزكاة الجاه كَتْبُ الرجل إلى إخوانه اختلف العلماء فى تأويل العدل وافحسان فعن على بن أبى طالب قال : العدل الإنصاف والإحسان التفضل ؛ وقال بن عطية العدل هو كل مفروض من عقائد وشرائع فى آداء الأمانات وترك الظلم والإنصاف وإعطاء الحق والإحسان هو فعل كل مندوب إليه ؛

قال بن العربى : العدل بين العبد وربه إيثار حقه تعالى على حظ نفسه وتقديم رضاه على هواه والإجتناب للزواجر وامتثال للأوامر وأما العدل بينه وبين نفسه فمنعها مما فيه هلاكها قال تعالى ونهى النفس عن الهوى وعزوب الأطماع عن الإتباع ولزوم القناعة فى كل حال ومعنى ؛ وأما العدل بينه وبين الخلق فبذل النصيحة وترك الخيانة فيما قل وكثر ؛ والإنصاف من نفسك لهم بكل وجه ولا يكون منك إساءة إلى أحد بقول ولا فعل لا فى سر ولا فى علن ؛ والصبر على ما يصيبك منهم من البلوى وأقل ذلك الإنصاف وترك الأذى والإمام لابد أن يعدل فى المعاملة بين الرعية فلا يفضل أحدهما على الآخر لذلك قال الغزالى : إعلم أن المعاملة قد تجرى على وجه يحكم المفتى بصحتها و إنعقادها ؛ ولكن تشتمل على ظلم يتعرض به المعامل لسخط الله تعالى إذ ليس كل نهى يقتضى فساد العقد ————- الجامع لأحكام القرآن 5- / 3892 

لقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم ببيان عدل الإمام لرعيته فقال : ( سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل وشاب نشأ فى عبادة الله —-) مسلم 4 / 1031 قال القاضى عياض فى الإمام العادل : هو كل من إليه نظر فى شئ من مصالح المسلمين من الولاة والحكام وبدأ به لكثرة مصالح وعموم نفعه — مسلم بشرح النووى 7 / 102 وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون فى حكمهم وأهلهم وما ولوا ) مسلم 616 / 1827 فمعناه أن هذا الفضل إنما هو لمن عدل فيما تقلده من خلافة أو إمارة أو قضاء أو حسبة أو نظر على يتيم أو صدقة أو وقف وفيما يلزمه من حقوق أهله وعياله ونحو ذلك — مسلم بشرح النووى 12 / 167 ولما بعث رسول الله معاذ إلى اليمن قال : ( إياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب )البخارى 1426 وعن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب جوره عدله فله النار ) أبو داود 3575


المزيد في: مختارات

اترك تعليقاً