من معانى سورة القلم 2
قال تعالى : ( ما أنت بنعة ربك بمجنون ) أى لست ولله الحمد بمجنون كما يقول الجهلة من قومك المكذبون بما جئت به من الهدى ( وإن لك لأجراً غير ممنون ) الأجر العظيم والثواب الجزيل الذى لا ينقطع ( وإنك لعلى خُلق عظيم ) قال بن عباس : لعلى دين عظيم وهو الإسلام ؛ وقال عطية : لعلى أدب عظيم وهو الإسلام 0
عن قتادة قال : سئلت عائشة عن خُلق رسول الله قالت : ( كان خُلقه القرآن )
وعن عائشة قالت صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً وصنعت حفصة له طعاماً فقلت لجاريتى اذهبى بالطعام فإن جاءت هى بالطعام فوضعته قبلى فاطرحى الطعام قالت : فجاءت بالطعام قالت : فألقت الجارية فوقعت القصعة فانكسرت وكان نطع قالت فجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( اقتصوا أو اقتصى ) قالت فما قال شيئاً
ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم صار امتثالاً بالقرآن أمراً ونهياً سجية له وخُلقاً وترك طبعه الجبلى فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه ترك هذا مع ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم
عن أنس قال : ( خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لى أف قط ولا لشئ فعلته لما فعلته ولا لشئ لم أفعله أى فعلته ) وعن عائشة قالت : ( ما ضرب رسول الله بيده خادماً قط ولا ضرب امرأة ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد فى سبيل الله )
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ( فستُبصر ويُبصرون بأيكم المفتون ) أى فستعلم يا محمد وسيعلم مخالفوك ومكذبوك من المفتون الضال منك ومنهم ؛ قال بن عباس : ستعلم ويعلمون يوم القيامة أيكم المجنون وقال قتادة : أى أولى بالشيطان والمعنى أى الذى قد فُتن عن الحق وضل عنه ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) أى هو يعلم أى الفريقين منكم ومنهم هو المهتدى ويعلم الحزب الضال عن الحق ) المصدر تفسير بن كثير ج 4