الإحسان إلى الوالدين 2

إن السنة النبوية أولت الوالدين اهتماماً حيث قال صلى الله عليه وسلم : ( رَغِم أنف ثم رَغِم أنف ثم رَغِم أنف قيل من يا رسول الله ؟ قال : من أدرك أبويه أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة ) نجد فى هذا الحديث مظهر الوفاء والنبل وعرفان الجميل للوالدين لأنهما أحق بالوفاء لما قدموه من أصناف البر والإحسان ما لم يكن يتوقعه لما سوى ذلك ذرة من إحسان الوالدين إليه ولو أحبه الناس  وأخلصوا له الحب وأسرفوا له فى المودة فالوالدان رحمة من الله للمحافظة على الإنسان وجلب الخير له ودفع الأذى والشر عنه والولد قطعة  منهما وفلذة كبدهما تدب على الأرض وتجرى فى منبع الحياة فتفيض على نفوسهما الفرحة والمرح والغبطة والسرو والبهجة وأول يد طافت عليه بالحنان والرحمة وأحاطته بالعناية والحكمة ومدته بالرفق واللين هى يد أمه وأول قلب تلقاه بالإيناس وتفتح له بالطرب والبهجة هو قلب الأم الحانية وأول ثغر تلقاه بالفرح ثغر أبيه فهل بعد هذا صدق فى الإحساس واندفاع فى العاطفة ومبالغة فى الحب ؟ لذلك أمر الله تعالى بالإحسان إليهما فى قوله : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) وطلب سبحانه من الإبن أن يكرم عشرتهما ويحسن معاملتهما وألا يظهر لهما تضجراً أو تأففاً ولا ثقلاً منهما فقد أحسنا  إليه إحسانا يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( رَغِم أنف ) من أول الأمر كى يسألوا عن هذا الذى رَغِم أنفه فيجيبهم بما أجابهم ( من أدرك أبويه أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة ) فيتمكن الكلام فى النفس أفضل تمكن وهو أسلوب جزل ودل على أن بر أحدهما عند عدم الأخر كاف فى دخول الجنة عند كبرهما

عن ابن مسعود قال سألت رسول الله ( أى العمل أحب إلى الله ؟ قال الصلاة لوقتها قلت ثم أى ؟ قال : بر الوالدين قلت ثم اى ؟ قال : الجهاد فى سبيل الله ) بل إن من بر الوالدين أن يجد أحدهما مملوكاً يجب أن يعتقه من رقه إن قدر على ذلك لقول رسول الله : ( لا يجزى ولد والداه أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه ) وبر الوالدين مقدم على الجهاد فى سبيل كان أصحاب رسول الله يأتون يبايعون رسول الله على الجهاد أو الهجرة فى سبيل الله فكان يسأل هل من والديك أحد حى فإن قال الصحابى نعم قال : ففيهما فجاهد أخرج الترمذى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال : ( كان تحتى امرأة أحبها وكان عمر يكرهها فقال لى : طلقها فأبيت فأتى عمر رسول الله فذكر ذلك فقال لى رسول الله : طلقها ) ومن فضل الله أنه قرن شكره بشكر الوالدين فقال تعالى ( أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير ) قال بن عباس ( ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث لا تُقبل واحدة منها بغير قرينتها ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يُقبل منه والثانية (  وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) فمن أقام الصلاة ولم يؤتى الزكاة لم يُقبل منه والثالثة ( أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير ) فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يُقبل منه


المزيد في: نفحات ايمانيه

اترك تعليقاً