هجر الأقارب 2

عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ؟ قال : نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت :بلى ؛ قال : فذلك لك ) البخارى 5987 ومسلم 2554 قال القاضى عياض فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلنى وصله الله ومن قطعنى قطعه الله ) البخارى 5988 ومسلم 2555 الرحم التى تُوصل وتُبر وتُقطع إنما هى معنى من المعانى ليست بجسم وإنما هى قرابة ونسب تجمعه رحم والدة يتصل بعضه ببعض فسمى ذلك الإتصال رحماً — شرح النووى 9 / 96 والمرء تختلف صلته بغيره وألصق الناس به وأشدهم إتصالاً بحياته وأسرعهم مشاركة له فيها بيسره أو بحزنه أقاربه الذين تجمع بينه وبينهم روابط الدم والقرابة ؛ وهذا الحديث يقدر ذلك فيرغب أشد الترغيب فى بر القرابة ويُنفر أشد التنفير من قطع هذه الصلة وهذا ما وضحه رسول الله فى قوله ( إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم ) والمراد بالخلق إما جميع المخلوقات وإما أن يكون المراد المكلفين من الإنس فققط من جهة آبائه وإن علو وأبنائه وإن سفلوا وما يتصل بالطرفين من الأعمام والعمات والأخوال والخالات والإخوة والأخوات وما يتصل بذلك من أولادهم وأما الرحم الخاصة هى رحم القرابة من طرف الرجل وأبيه وأمه فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة كالنفقة وتفقد أحوالهم وترك التغافل عن تعاهدهم فى أوقات ضروراتهم وتتأكد فى حقوق الرحم العامة فإذا تزاحمت الحقوق بُدئ بالأقرب فالأقرب وهذه هى الرحم الخاصة المرادة فى الحديث وفى قوله ( أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ) قال محمد بن أبى حمزة الوصل من الله كناية على عظيم إحسانه وإنما خاطب الناس بما يفهمون ولما كان أعظم ما يُعطيه المحبوب لمحبة الوصال وهو القرب منه وإسعافه بما يريد مساعدته على ما يُرضيه وكانت حقيقة ذلك مستحيلة فى حق الله تعالى عرف أن ذلك كناية عن عظيم الإحسان لعبده وكذا القول فى القطع هو كناية عن حرمان الإحسان وعلى هذا يكون أطلق الملزوم وأراد اللازم — أحاديث البر والصلة 


المزيد في: نفحات ايمانيه

اترك تعليقاً