كيف نبني بلدنا
إن لمصر مكانة عظيمة فى القرآن الكريم فإذا كانت مكة هى بلد الله الحرام فإن مصر وصفها الله عز وجل بأنها بلد أمن وآمان قال تعالى : [ إدخلوا مصر إن شاء الله ] ولقد أوصى رسول الله (ص) بأهلها خيراً فقال ( إنكم ستفتحون مصر وهى أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة وصهرا ] ، أما آن لنا أن نفتخر بحبها وندرك أهميتها فى الأرض ، أما آن لنا أن نقف يداً واحدة نقول لا لمن يريد تخريبها وتدميرها ، أما آن لنا أن نقول لهؤلاء الذين يكذبون على الناس كفى كذباً وخداعاً للناس ، أما آن لنا أن نتوجه جميعاً رجالاً ونساءً وشباباً إلى بناء مصر فنقف يداً واحدة لنضرب على يد هؤلاء المفسدين فى الأرض ، أما آن لنا أن نقول نعم للبناء والإستقرار والأمن والأمان.
اعلم أيها المصرى أن بناء مصر لا يتأتى إلا من أمور لابد وأن تتحقق فيمن يختاره الناس رئيساً لهم وليعلم الناس أنهم مسؤلون أمام الله عز وجل عن من اختاروه حاكماً لهم فلا بد وأن يتحروا عن من اختاروه رئيساً لهم وأن يتحروا عنه فى أمور منها
1- الصدق فالله عز وجل امتدح الصادقين فى القرآن فقال تعالى : [ والصادقين والصادقات ] وأن يكون الحاكم صادقاً مع شعبه لا يرضى الغرب على حساب شعبه لذلك قال سيدنا أبو بكر : ” ايها الناس إنى قد وليت عليكم ولست بأفضل منكم الصدق أمانة والكذب خيانة ” فهذا هو الحاكم الصادق مع شعبه فينبغى للناس أن يتحروا صدقه قال صلى الله عليه وسلم : ( وإن الرجل ليتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا).
2- الأمانة : أن يكون الحاكم أميناً على أهله وبلده لأنها مسؤلية عظيمة قال تعالى : [ إن الله يامركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ] وقال صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته الإمام راع ومسؤل عن رعيته ) وقوله : ( إن الله سائل كل راع عما استرعى حفظ أم ضيع ) وليعلم المرشحون أن سيدنا أبا هريرة لما طلب الإمارة من رسول الله قال : ( إنك رجل ضعيف وإنها ذل ومهانة إلا من أخذها بحقها ) هذا لمن طلبها من أجل الوجاهة والمنصب وحب الذات أما من أخذها ليقوم على أمر الناس بصدق مع الله أعانه الله تعالى على ذلك.
3- أن يسمع شكاوى الناس كان سيدنا عمر يتحسس أحوال الرعية ذات يوم فوجد أطفال يبكون فذهب إليهم فسأل أمهم عن حالهم فقالت سامح الله عمر إنهم يتضررون جوعاً فذهب سيدنا عمر إلى بيت مال المسلمين وحمل على ظهره الدقيق والسمن فقال له رجل : أحمل عنك يا أمير المؤمنين ، فقال أتحمل عنى وزرى يوم القيامة ، وأعد لهم الطعام وما تركهم حتى أكلوا وشربوا ولعبوا فقالت المرأة لأنت أحق بالخلافة من عمر فقال لها اشكى إليه مظلمتك فذهبت إلى بيت الخليفة فوجدت أنه عمر فقال لها بكم تبيعين مظلمتك ؟
4-أن تكون الشريعة الإسلامية مقصده فلا خير فى حاكم لا يحكم بشرع الله تعالى ولا خير فى محكوم لا يرضى بحكم شريعة الله فيه [ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ] ” سورة المائدة”. ولا أدرى كيف لأمة ترضى بشرع بديل لشرع الله ثم تدعى أنها تخاف من شرع الله ، إعلم أنه لا يخاف من تطبيق شرع الله إلا من تجاوز الحد مع الله فانظر إلى رجل سارق يخاف أن يطبق الشرع لأنه يسرق وانظر إلى رجل لا يسرق هل يخاف من تطبيق حد الله لا لأنه يعلم أنه لا يسرق وقس على ذلك بقية الحدود التى شرعها الله تعالى لعباده ولو كانت الحدود تطبق ما وجدنا سارق يسرق الناس علناً وما جرئ على ذلك.
5-أن يراعى العدل والمساواة بين الناس فى كل شئ حتى فى المعاملة ، فلا يحابى أحد على حساب أحد ولا يدع مجالاً للمحسوبية.
وغير ذلك فهذه الصفات إن توافرت فى مرشح اختاره الناس أياً كان مذهبه ، ولندرك جميعاً أن مصر مستهدفة فى أهلها و أمنها من عدو يتربص بها ليل نهار من جلدتنا ومن عدو لنا يريد أن ينال منا هذا العدو يحتاج منا أنقف له بالمرصاد لنقول لهم خبتم وخاب مسعاكم وتبوئتم من الخزى والهوان منزلاً.
والحمد الله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله
الشيخ هانى عبد رب النبي جلاله
إمام وخطيب بالأوقاف المصرية