سبب تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

الحق سبحانه وتعالى حينما يشرع الحكم يشرعه مرة إيجاباً ومرة يشرعه إباحة فلم يوجب ذلك الأمر على الرجل ولكن أباح للرجل ذلك وفيه فرق بين واضح بين الإيجاب والإباحة والزواج نفسه من واحدة مباح إذن ففيه فرق بيين أن يلزمك الله أن تفعل وان يبيح لك أن تفعل وحين يبيح الله لك أن تفعل ما المرجح فى فعلك ؟

إنه مجرد الرغبة ويبقى السؤال لماذا تكره المرأة التعدد ؟
لأنها وجدت أن الزوج إذا تزوج واحدة عليها إلتفت بكليته وبخيره وببسمته وحنانه إلى الزوجة الجديدة لذلك فلا بد للمرأة أن تكره زواج الرجل عليها بامرأة أخرى ” 1″ تفسير الشعراوى 25 / 2009 .
فإباحة التعدد تعطينا أن الله قد أباحه وهو يعلم أنه ممكن لأن هناك فائضاً والفائض معلوم لأن عدد الذكور فى كل نوع أقل من عدد الإناث فالبيض عندما يتم تفريخه فإننا نجد عدد قليل من من الديوك والبقية إناث والإناث فى النباتات والحيوانات أكثر من الذكور وإذا كانت الإناث أكثر من الذكور ثم أخذ كل ذكر مقابله فما مصير الأعداد التى تفيض وتزيد من الإناث إما أن تعف الزائدة فتكبت غرائزها وتحبط وتنفس فى كثير من تصرفاتها بالنسبة للرجل وللمحيط بالرجل وإما أن تنطلق ولكن مع من ؟ إنها تنطلق مع متزوج وإن حدث ذلك فالعلاقات الإجتماعية تفسد ولكن الله أباح التعدد أراد أن يجعل منه مندوحة لامتصاص الفائض من النساء بشرط العدالة “2” تفسير الشعراوى 25/2014.

تعدد الزوجات وأسبابه والعدل بين  الزوجات

يقول الباحثون فى طبائع البشر وتواريخ البدو والحضر أن تعدد الزوجات فى الأقطار الكثيرة التى اعتاد أهلها هو أثر ما كان من استرقاق النساء واتخاذ الأقوياء والأغنياء العدد الكثير منهن للاستمتاع والخدمة والعظمة وذلك كان خاصاً بالملوك والرؤساء والأمراء وغيرهم وكان يكثر فى البلاد الحارة التى يفتن أهلها بشهوة الاستمتاع وكثرة التنقل بين الحسان وصغار السن من النساء وكان بعضهم استرقاقاً محضاً، ثم وجد الجمع بين نكاح الحرائر والاستمتاع بالجوارى المملوكات ، فقدماء اليونان كانوا يبيعون النساء فى الأسواق ويبيحون تعدد الزوجات بغير حساب وقد أباح الأسبرطيون تعدد الأزواج للمرأة الواحدة كأهل التبت دون تعدد الزوجات للرجل، وكان التعدد فاحشاً فى أوربا ولا قانون يحظره ، حتى حظره جوستيان فى قوانينه ولكنه ظل فاشياً فعلاً وأباحه بعض البابوات لبعض الملوك.

ويقول الفيلسوف هربرت سبنسر الانجليزى فى كتابه علم وصف الاجتماع إن الزوجات كانت تباع فى إنجلترا فيما بين القرن الخامس والحادى عشر وأنه حدث أخيراً فى القرن الحادى عشر أن المحاكم الكنسية سنت قانوناً على أن للزوج أن ينقل أو يعير زوجته إلى رجل أخر لمدة محدودة حسبما يشاء الرجل المنقول إليه المرأة (وهو ما يسمى فى الجاهلية بنكاح الاستبضاع) وشر من ذلك ما كان للشريف النبيل (الحاكم ) روحانياً كان أم زمانياً من الحق فى الاستمتاع بامرأة الفلاح إلى مدة أربع وعشرين ساعة من بعد عقد زواجها عليه (أى على الفلاح).

وفى سنة 1567 صدر قرار من البرلمان الاسكوتلاندى بأن المرأة لا يجوز أن تمنح أى سلطة على أى شيء من الأشياء كلها.

ومن العجيب أن بعض الناس الذين جمعوا بين الزواج والتسرى كانوا يحرصون على شرف الزوجات ويبذلون جواريهم لضيوفهم وأكابر قومهم يستمتعون بهن كما نقل من أهل جزيرة فيتى ونقل عن بعض وثنى أمريكا الشمالية أن من تزوج امرأة منهم حلت له جميع أخواتها وقالوا إن هذا قد انتشر كثيراً فى كولومبيا وغيرها [1].

أما الإسلام فقد أباح التعدد فى الزوجات بشرط العدل بينهن وإذا كان فى عصمة الرجل أكثر من واحدة وجب عليه أن يعدل بينهن لأن الجور على إحداهن ظلم، والظلم حرمه الله تعالى، وفى الجور إضرار والإضرار منهى عنه ولذلك نهى الله تعالى عن تعدد الزوجات إذا خيف الظلم فى معاملتهن فقال تعالى:” فانكِحوا ما طاب لكم من النساء مثْنىَ وثلاثَ ورباعَ فإن خفتمْ ألا تعدلوا فواحدةً أو ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا “[2] .

أى إن خفتم من تعدد النساء ألا تعدلوا بينهم فليقتصر على واحدة أو على الجوارى والسرارى فانه لا يجب قسم بينهن ولكن يستحب فمن فعل فحسن ومن لا فلا حرج حتى لا تجوروا [3] ، ولقد علم الله سبحانه وتعالى وهو يخوفنا الظلم ويدعونا إلى العدل أن فينا ضعافاً وإننا لا نستطيع العدل الكامل [4] .

 

حدود العدل الممكنة بين الزوجات

أسباب إباحة الإسلام لتعدد الزوجات :

1- أن طبيعة الرجل الجنسية قد تقوى فلا يقنع بامرأة واحدة فإذا سددنا عليه باب التعدد فتح لنفسه باب الزنا.
2- قد تكون المرأة عقيماً لا تلد أو تصاب بمرض يمنعها من مزاولة الحياة الجنسية.
3- لما كان الرجال أكثر من النساء تعرضاً لأسباب الفناء كان عددهم أقل عادة من عددهن وخاصة فى أعقاب الحروب ، فإذا لم نبح للرجل أن يعول بالزواج أكثر من واحدة كان النساء عرضة للفاقة والاتجار بأعراضهن للتخلص من النسل فتقل الأيدى العاملة.

 

أما عن زواج النبي صلى الله عليه وسلم وتعدد زواجته فقد اعترض بعض الذين كتبوا سيرة الرسول من المسيحين على كثرة أزواجه صلى الله عليه وسلم وزعموا أنه كان شهوانياً ، والحقيقة هي :

1- أن كثرة أزواجه لم تكن بدافع شهوانى ، فإنه إذا أراد أن يوجد بيينه وبين أصحابه وكبار قومه صلة قوية ورابطة متينة ، بواسطة المصاهرة لأن ذلك مما يساعده ويشد ازره للدفاع عن مبدئه السامى ونشر الدعوة إلى الإسلام أما إنه لم يكن شهوانياً فأمر لا ينكر وظاهر من حياته واطواره صلى الله عليه وسلم لأنه تزوج خديجة وكانت فى الأربعين من عمرها وهو فى عنفوان شبابه فى سن الخامسة والعشرين ، ولم يتزوج بغيرها إلى أن توفيت وكان عمره خمسين سنة فإذا لم يكن إلى هذا العمر رجل شهوانى كان رجلاً قانعاً بزوجة واحدة فهل من العدل أن نقول إنه كان شهوانياً بعد ذلك.

2- أنه لم يعرف الفراغ بل كان فى جهاد مستمر إلى أن مات فكان يقضى أوقاته فى نشر الدعوة ومحاربة الوثنية والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والدفاع عن المسلمين.

3- أنه كان يتعبد آناء الليل واطراف النهار ولم تشغله كثرة نسائه عن عبادة ربه وعن القيام واجبات الرسالة.

4- وأنه كان يقصد من تعدد زوجاته إيجاد روابط المصاهرة وتأليف القلوب فإن زوجته عائشة أبوها أبو بكر ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، و أم حبيبة هى بنت أبى سفيان ، وزوجته ميمونة هى خالة خالد بن الوليد ، أما صفية بنت حيي إنما تزوجها لأنها بنت ملك من ملوك اليهود فلا تصح إلا له ، وتزوج زينب بنت جحش لإبطال عادة التبني.

يقول توماس كارليل : ” ما كان محمداً أخا شهوات برغم ما اتهم به ظلماً وعدوانا وأشد ما نجور ونخطئ إذا حسبناه رجلاً شهوانياً لا هم له إلا قضاء مآربه من الملاذ كلا فما أبعد ما كان بينه وبين الملاذ أية كانت لقد كان زاهداً متقشفاً فى مسكنه ومآكله ومشربه — الخ ”       محمد رسول الله الشيخ محمد رضا 361

عدد زوجات الرسول صلي الله علية وسلم اثنتي عشرة زوجة ، وهم أمهات المؤمنين :

1- خديجة بنت خويلد
2- سودة بنت زمعة
3- عائشة بنت ابي بكر
4- حفصة بنت عمر
5- زينب بنت خزيمة
6- أم سلمة هند بنت عتبة
7- زينب بنت جحش
8- جويرية بنت الحارث
9- صفية بنت حيي بن أخطب
10- أم حبيبة رملة بنت ابي سفيان
11- ماريا بنت شمعون المصرية
12- ميمونة بنت الحارث.

 

توفي الرسول صلي الله علية وسلم وعندة عشر زوجات ، وتوفيت السيده خديجة والسيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنهما في حياتة صلي الله علية وسلم.

كانت السيدة عائشة رضي الله عنها الزوجة الوحيده البكر التي تزوجها الرسول ، وباقي الزوجات ثيبات ، وكلهم كانوا مسلمين الا السيده صفية بنت حيي كانت يهودية والسيده ماريا كانت مسيحية.

تزوج الرسول صلي الله علية وسلم وهو في سن الخامسة والعشرين من السيدة خديجة رضي الله عنها ، وظل معها حتي سن الخمسون، حتي توفاها الله عز وجل ، وحزن عليها الرسول حزنا شديدا لفراقها ، وظل حتي الثانيه والخمسون بدون زواج ، وتزوج بعدها بالسيدة سودة وكان عمرها (80) سنة حيث كانت اول أرملة في الإسلام – واراد عليه الصلاة والسلام أن يكرمها ويكرم النساء اللواتي مثلها حيث ابتدا بنفسه ولم يأمر صحابته بزواجها , بل هو عليه الصلاة والسلام قام بتكريمها بنفسه ليكون هذا العمل الإنساني قدوة من بعده .

كانت زيجات الرسول صلي الله علية وسلم بعد ذلك لأسباب دينية ، واجتماعيه ، وسياسية دعت الرسول لتعديد زوجاته :

أولا : توريث الإسلام والدعوة بدقة تفاصيلهما وخصوصياتهما (كالصلاة وحركاتها ) فلابد من دخول ناس لبيت الرسول – صلى الله عليه وسلم- لنقل التفاصيل المطلوبة لتعليم الأمة .
فأراد الله – عزوجل – بزواج الرسول من السيدة عائشة حيث كانت صغيرة تتعلم منه الكثير بحكم سنها (والعلم في الصغر كالنقش على الحجر ) وعاشت بعده 42 سنة تنشر العلم ، والحديث في علم السيدة عائشة يطول حيث أنها كانت أعلم الناس بالفرائض والنوافل.

فإجمالي عدد الأحاديث المروية عن زوجات الرسول – عليه الصلاة والسلام – 3000 حديث ، أما زواج السيدة عائشة وهي صغيرة فقد كان متعارف عند العرب ما أن تبلغ الفتاة بسرعة حتى يقومون بتزويجها بل عن الروم والفرس أيضاً .

ثانيا : تأصيل العلاقة بين الصحابة وتشبيكها مما يؤدي إلى تماسك الامة فها هو عليه الصلاة والسلام يتزوج بابنة أبي بكر رضى الله عنه ، ويزوج ابنتيه لسيدنا عثمان رضى الله عنه ، والبنت الثالثة لسيدنا علي رضى الله عنه .

ثالثا : الرحمة بالارامل حيث تزوج الرسول – صلى الله عليه وسلم – من الأرامل (السيدة سودة وأم سلمة وأم حبيبة ) .

رابعا : استكمال تشريع الإسلام حيث يقوم الرسول صلى الله عليه وسلم بالفعل بنفسه ليكون قدوة واسوة للمسلمين من بعده .
سواء كان بتكريم الأرامل أو الرحمة بمن اسلم من غير المسلمين كزواجه بصفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنهما بعدما أسلم أبوها ورفعة لشأنه عند حاسديه من اليهود عليهم
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .

خامسا : محبة الرسول – صلى الله عليه وسلم – لعقد الصلة والرابطة بين أقطار الأرض كلها حيث أراد بزواجه من السيدة ماريا المصرية أن يؤلف بلدا بأكمله .
والرسول عليه الصلاة والسلام تزوج السيدة جويرية حتى يسلم بنو المصطلق حيث كانوا أسرى بيد المسلمين بعد غزوة بني المصطلق.

فلماذا نترك كل خصوصيات الرسول – صلى الله عليه وسلم – فلا نطبقها ؟ ونأتي لهذه الخاصية ونطبقها او نركز عليها ؟

وإن أحب أحد أن يعدد ويقتدي بالنبي – صلوات الله وسلامه عليه – فليكمل الإقتداء ولتكن دواعي زواجه كدواعي زواج النبي صلوات الله وسلامه عليه ليكتمل الاجر وينتفي الإثم
الذي حذر منه الله عز وجل (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما ) سورة النساء 129

 


المراجع:

[1] بتصرف حقوق النساء فى الإسلام ، ص 61،63 .
[2] سورة النساء ، آية 3 .
[3] ابن كثير ، جـ1 ص 451 .
[4] أحكام الأسرة فى الإسلام ص 176 .


المزيد في: متنوعات

اترك تعليقاً