هل نحن نعبد الكعبة
البيت الحرام هو البيت الذى اتخذه الله عز وجل لنفسه فى الأرض وأمرنا أن نتوجه إليه قال تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركاً وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً ) وهناك شبهة فى هذا الأمر يحاول أعداء الإسلام الدخول للمسلمين من خلالها محاولين التشكيك فى عقيدة المسلمين قائلين إنكم تعبدون الحجارة وغير ذلك من الأقاويل والرد على ذلك …
أولاً : أن هناك فى شريعتنا أمور توقيفية ” أى منزلة من عند الله عز وجل ” أُمرنا أن نتعبد بها دون كثرة السؤال عنها مثال ذلك لما أمرنا الله عز وجل بالصلاة فقال تعالى : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) لم يكن سؤال أحد من الصحابة أو التابعين وغيرهم عن لماذا نصلى أو ما الهدف من الصلاة ولكن كان السؤال عن كيفية الصلاة والله عز وجل حذرنا من كثرة السؤال عما أمرنا به أو نهانا عنه فقال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدى لكم تسوئكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدى لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم ، قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ).
ثانياُ : أن المؤمن يعرف بطاعته لله فحينما يأمره الله بأمر يقول سمعنا وأطعنا قال تعالى : ( قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ) وقال تعالى : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) وغير المؤمن لا يطيع الله عز وجل بل يجادل ويمارى ، قال تعالى : ( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ) وقال تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ).
ثالثاً : لله عز وجل أن يأمر بما يشاء بأمر أن نتوجه إلى الكعبة أو ينهانا عن ذلك والله عز وجل فضح كيد هؤلاء فقال عز وجل : ( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ) والله عز وجل لا يُسأل عما يفعل قال تعالى : ( لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون ).
رابعاً : أن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام فلم تسأل الملائكة رب العزة عن سبب الخلق لآدم والتزمت الملائكة بأمر الله فسجدت قال تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبي واستكبر وكان من الكافرين ) إن الملائكة لما استعظموا بتسبيحهم وتقديسهم أمرهم بالسجود لغيره ليريهم استغناءه عنهم وعن عبادتهم ؛ وقيل عيروا آدم واستصغروه ولم يعرفوا خصائص الصنع به فأمروا بالسجود له تكريماً ، ويحتمل أن يكون الله تعالى أمرهم بالسجود له معاقبة لهم على قولهم : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ) والملائكة هى من هى وهى من الله عز وجل بالمكانة ورغم ذلك سجدت التزاماً لأمر الله عز وجل ونحن مطلوب منا أن نلتزم بأمر الله كما إلتزمت الملائكة لأمر الله تعالى وهذا دليل الطاعة.
خامساً : أننا نعظم ما عظم الله تعالى قال تعالى : ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) قال الحسن البصرى: لأنه أول بيت وضع للناس وسمى بالبيت العتيق لأنه أعتق يوم الغرق زمان نوح عليه السلام وقيل لأنه لم يظهر عليه جبار قط
سادساً : أن فى صلاتنا تجاه الكعبة تعظيم لله عز وجل لأن الآمر لنا بذلك هو الله.
سابعاً : أن الطواف شعيرة من شعائر الحج قال تعالى : ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) شعائر الله ” أى أوامر الله ” فإنها من تقوى القلوب ومن ذلك تعظيم الهدايا والبدن
ثامناً : أننا لو نظرنا إلى من خالفنا فى العقيدة لو جدنا عندهم ما هو أشد من ذلك فانظر إلى القسيس وهو يقيم القداس تجد أنه يطوف حول قبر يسميه قبر قديس وغير ذلك فإذا سألته لماذا تطوف بهذا القبر ؟ قال لك : إن يسوع أمرهم بذلك ؛ فقل له : من يسوع ؟ قال لك : إنه الإله فقل له : قال عيسي عليه السلام : ( ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن اعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد ) فقل له : إذاً أنت تقدس صاحب القبر ؟ قال : نعم ؛ قل له : إذاً أنت تعبد صاحب القبر بدعوى أن معبودك أمرك أمرك بذلك ؟ قال : نعم فقل له : إن الله لم يأمرنا أن نعبد الكعبة ولا أن نسجد لها ولكن أمرنا أن نسجد له سبحانه وتعالى فإذا قال لك لماذا تصلى تجاه الكعبة ؟ فقل له إن هناك فرق بين أن نعبد الشئ أو أن نعظمه فالعبادة معناها الخضوع التام والإذلال وهذا لا يكون إلا لله عز وجل أما الكعبة ما هى إلا خلق من خلق الله عز وجل امرنا الله أن نهابها ونعظم حرمتها وليس معنى تعظيم حرمتها أننا نعبدها فالله عز وجل أمرنا بتعظيم حرمات الإنسان فهل معنى ذلك أننا نعبد الإنسان ( ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه )