محبة الله المقترنة بإجلاله – سبحانه وتعالى –
محبة الله – سبحانه – وهى أقوى الأسباب فى الصبر عن مخالفته ومعاصيه ، فإن المحب لمن يحب مطيع ، وكلما قوى سلطان المحبة فى القلب كان اقتضاؤه للطاعة وترك المخالفة أقوى ، وإنما تصدر المعصية والمخالفة من ضعف المحبة وسلطانها ، وفرق بين من يحمله على ترك معصية سيده خوفه من سوطه وعقوبته ، وبين من يحمله على ذلك حبه لسيده ، فالمحب الصادق عليه رقيب من محبوبه يرعى قلبه وجوارحه ، وعلامة صدق المحبة شهود هذا الرقيب ودوامه .
وههنا لطيفة يجب التنبه لها ، وهى أن المحبة المجردة لا توجب هذا الأثر ما لم تقترن بإجلال المحبوب وتعظيمه ، فإذا قارنها بالإجلال والتعظيم أوجبت هذا الحياءَ والطاعة ، وإلا فالمحبة الخالية عنهما إنما توجب نوع أنس وانبساط وتذكر واشتياق ، ولهذا يتخلف عنها أثرها وموجبها ، ويفتش العبد قلبه فيرى فيه نوع محبة لله ، ولكن لا تحمله على ترك معاصيه ، وسبب ذلك تجردها عن الإجلال والتعظيم ، فما عمر القلب شيء كالمحبة المقترنة بإجلال الله وتعظيمه، وتلك من أفضل مواهب الله لعبده أو أفضلها ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيم – رحمه الله – .