حديث إنما الأعمال بالنيات
عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يُصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) البخارى 1
اتقف العلماء على صحته وتلقيه بالقبول وبه صدر البخارى كتابه الصحيح وأقامه مقام الخطبة له إشارة منه إلى أن كل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل لا ثمرة له فى الدنيا ولا فى الأخرة
قال عبد الرحمن بن مهدى لوصنفت كتاباً فى الأبواب لجعلت حديث عمر بن الخطاب فى كل باب
قال عنه الشافعى : ثلث العلم ويدخل سبعين باباً من الفقه
وقال أبو داود نظرت فى الحديث المسند فإذا هو اربعة الآف حديث ومدار الأربعة الآلف حديث على أربعة أحاديث حديث عمر بن الخطاب ( إنما الأعمال بالنيات ) وحديث النعمان بن بشير ( الحلال بين والحرام بين ) وحديث أبى هريرة ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيب ) وحديث ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) فكل حديث من هذه الحاديث ربع العلم
( إنما الأعمال بالنيات ) كثير من المتأخرين يزعم ان تقديره الأعمال الصحيحة أو المقبولة بالنيات وعلى هذا الأعمال إنما أُريد بها الأعمال الشرعية المفتقرة إلى النية كالأكل والشرب فلا يحتاج إلى شئ من ذلك إلى نية
وقال آخرون : الأعمال هنا على عمومها لا يختص منها شئ
قال الأمام أحمد : أحب لكل من عمل عملاً من صيام أو صلاة أو نوع من أنواع البر أن تكون نيته متقدمة فى ذلك قبل الفعل ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) أى حظ العامل من عمله نيته فإن كانت صالحة كان العمل صالحاً وهو أن صلاحها وفسادها بحسب صلاح النية وفسادها وفيها إخبار أنه لا يحصل له من عمله إلا ما نواه فإن نوى خيراً كان خير وإن نوى شراً كان شر والنية فى اللغة القصد والإرادة واصطلاحاً لها معنيان أحدهما : تمييز العبادات بعضها عن بعض كصلاة الظهر من العصر والثانى : تمييز المقصود بالعمل وهل هو لله وحده أم لله وغيره ؟ وهذه هى النية التى يتكلم عنها العارفون فى كتبهم على الإخلاص وتوابعه
قال تعالى ( وما آتيتم من رباً ليربوا فى أموال الناس فلا يربوا عند الله ) والنية تأتى بمعنى الإبتغاء قال تعالى : ( إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ) عن بن مسعود قال : لا ينفع قول إلا بعمل ولا ينفع عمل إلا بنية
وعن زيد الشامى قال : إنى لأحب أن تكون لى نية فى كل شئ حتى فى الطعام والشراب
وعن داود الطائى قال : رأيت الخير كله يجمعه حسن النية وكفاك بها خيراً وإن لم تُصب
وعن يوسف بن إسباط قال : تخليص النية من فسادها أشد من طول الإجتهاد
وعن مطرف بن عبد الله قال : صلاح القلب بصلاح العمل وصلاح العمل بصلاح النية
وعن عبد الله بن المبارك قال : رُب عمل صغير تعظمه النية ورب عمل كبير تصغره ا
قال بن عجلان لا يصلح العمل إلا بثلاث التقوى لله وحسن النية والإصابة
قال الفض بن عياض : إنما يريد الله منك نيتك وإرادتك وقال فى قوله تعالى : ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً يقبل منه
( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ) أصل الهجرة هجران بلد الشرك والإنتقال إلى دار الإسلام وقد يهاجر الإنسان لطلب دنيا مباحة تارة ومحرمة تارة وأفراد ما يقصد بالهجرة من أمور الدنيا لا تنحصر فكذلك قال : ( فهجرته إلى ما هاجر إليه )
العمل لغير الله اقسام 1- رياء محض بحيث لا يُراد به إلا مرائيات المخلوقين كحال المنافقين فى صلاتهم 2- قد يكون العمل لله ويشاركه الرياء والنية هى قصد القلب ولا يجب التلفظ بما فى القلب فى شئ من العبادات وخرج بعض أصحاب الشافعى له قولاً باشتراط التلفظ بالنية للصلاة وغلط المحققون منهم واختلف المتأخرون من الفقهاء فمنهم من استحبه ومنهم من كرهه
المصدر جامع العلوم والحكم