ما قبل الحج
إذا عزم المسلم على السفر إلى الحج أو العمرة استُحِب له أمور منها:
* أن يوصي أهله وأصحابه بتقوى الله عز وجل وهي فعل أوامره واجتناب نواهيه، وينبغي أن يكتب ما لهُ وما عليه من الدَّين ويُشهد على ذلك.
* ويجب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب، لقوله تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون) ، وحقيقة التوبة الإقلاع عن الذنوب وتركها، والندم على ما مضى منها، والعزيمة على عدم العَود إليها، وإن كان عنده للناس مظالم من نفس أو مال أو عِرض ردها إليهم أو تَحَلَّلهم منها قبل سفره لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كان عنده مَظلمةٌ لأخيه من مالٍ أو عِرض فَلْيتحلَّل اليوم قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهمٌ، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مَظلمته، وإن لم تكن له حسنات أُخِذ من سيئات صاحبه فَحُمل عليه).
* ينبغي أن يختار لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنّ الله تعالى طيِّب لا يَقْبلُ إلاَّ طيِّباً).
وروى الطبراني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا خرج الرجل حاجّاً بنفقة طيبة ووضع رجله في الغَرْز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه منادٍ من السماء: لبيك وسَعديك، زادُك حلال، وحَجُّك مبرور غيرُ مأزور، وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغَرْز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه منادٍ من السماء: لا لبيك ولا سَعديك زادُك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور).
* يجب على الحاج تَحَري الإخلاص، وأن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة، والتقرُّبَ إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال في تلك المواضع الشريفة، ويحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحُطَامها، أو الرياءَ والسمعة والمفاخرة بذلك، فإن ذلك من أقبح المقاصد، وسبب لردّ العمل وعدم قبوله كما قال تعالى: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نُوَفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يُبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحَبِط ما صنعوا فيها، وباطلٌ ما كانوا يعملون).
وقال تعالى: (من كان يريد العاجلة عجَّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد، ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً، ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً).
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال الله تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تَرَكته وشِركه).
* ينبغي له أيضاً أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة والتقوى والفقه في الدين ويحذر من صحبة السفهاء والفساق.
* وينبغي له أن يتعلم ما يُشرع له في حجه وعمرته، ويَتَفقه في ذلك ويسأل عما أشكل ليكون على بصيرة.
* إذا ركب دابته أو سيارته أو طائرته وغيرها من المركبات استُحب له أن يسمي الله سبحانه ويحمده، ثم يكبر ثلاثاً ويقول: (سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مُقْرِنين، وإنا إلى ربنا لَمُنقبلون). اللهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هّون علينا سفرنا هذا، واطوِ عنّا بُعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وَعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المُنْقلب في المال والأهل، لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
* يستحب له أن يكثر في سفره من الذكر والاستغفار ودعاءِ اللهِ سبحانه والتضرعِ وتلاوة القرآن وتَدَبر معانيه والمحافظة على الصلوات في الجماعة وحفظ لسانه من كثرة القيل والقال، والخوض فيما لا يعنيه، والإفراط في المزاح، مع صون لسانه أيضاً عن الكذب والغيبة والنميمة والسخرية بأصحابه وغيرهم من إخوانه المسلمين.
* ينبغي له بذل البر في أصحابه، وكَفّ أذاه عنهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة على حسب الطاقة.
* يحسن به تَحَري واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في كل عمل من أعمال الحج ما استطاع إلى ذلك سبيلاً لأنه صلى الله عليه وسلم قال لنا: (لتأخذوا عنّي مناسككم).