رحلة الحج من الألف إلى الياء

لحظة من فضلك….

أجب عن هذه الأسئلة بأمانة:

هل تقصد من رحلتك إلى مكة المكرمة وجه الله تعالى؟

وهل تقصد إسقاط الفريضة عن نفسك إن كان هذا أول حج لك؟

هل تبت إلى الله تبارك وتعالى من ذنوبك؟ -وكلنا خطاؤون- وهل رددت حقوق الناس عليك، وأعطيت كل ذي حق حقه؟

هل كتبت ما عليك من ديون، وما لك من ديون على الآخرين، وأطلعت عليها أهلك وخواصك؟

هل كتبت وصيتك قبل السفر؟ لن تخسر شيئا إن فعلت.

 هل نفقاتك في الحج من مال حلال؟ وهل تركت لأهلك ما يكفيهم في غيابك؟

هل تعلمت قبل سفرك كيفية العمرة، والحج وما يصح أن تفعله، وما لا يجوز لك أن تفعله؟

هل وصيت أحبتك وإخوانك وأبنائك بتقوى الله؟ وهل ودعتهم؟

هل قصصت أظفارك؟ وأزلت شعر الإبط والعانة؟ وأحفيت شاربك -إن كان متهدلاً على شفتيك- عملاً بالسنة المشرفة؟

إن كنت فعلت فاحمد ربك الكريم… وإلا فبادر بتصحيح حالك، حتى تذهب إلى الحج على وجه يحبه الله تعالى، ويوافق سنة حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم .

 

هل تقبل وصايا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ؟

حُسن الخلق يجعلك من أحبة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن أقرب الناس مجلساً منه يوم القيامة، فحسّن أخلاقك، ووسّع صدرك، واحتمل إساءات الآخرين كما يحتملون إساءاتك.

ربك سبحانه يحب الرجل السمح، سهل الأخلاق في المعاملة فلا تحرم نفسك من هذه الفضيلة، فالمؤمن هين، لين، رحيم.

إذا كنت في حاجة إخوانك كان الله في حاجتك، فساعد غيرك قدر استطاعتك بجهدك ووقتك ومالك.. وكل ذلك مدخر لك عند علام الغيوب.

الثواب في الحرم يضاعُف في قول كثير من العلماء -خصوصاً الصلاة- فاحرص على الاستكثار من الطاعة، وفعل الخير،وقراءة القرآن، وذكر الرحمن، ودع عنك التأفف،وطول النوم، وراحة البدن.

الحج رحلة انكسار، وتواضع لله تعالى، وترك للمظاهر والترف، فدع عنك مظاهر الاستعلاء، ولا تؤذ المسلمين، أو تدفعهم، أو تسابقهم.. وسر بسير الضعفاء.

الله تعالى يحب الملحين في ا لدعاء.. فأكثر دعاءك لله تعالى بنفس كسيرة، وقلب صادق، فعسى أن يعيدك نقياً من الذنوب.. ولا تملأ الصفحة البيضاء، بعد عودتك سالماً إن شاء الله إلا بطاعة وخير وبر، فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

فـي الميقـات:

الميقات: هو المكان الذي ستنوي منه العمرة أو الحج إن شاء الله.

إن دخلت المدينة أولاً فسيكون ميقاتك من ذي الحليفة (آبار علي) وإن دخلت من جهة مكة فسيكون ميقاتك السيل الكبير (قرن المنازل).

 

ما يُفعل في الميقات :

هناك مغاسل (حمامات) في آبار علي، وفي السيل الكبير..فادخل واغتسل وغيّر ثبابك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل ، فإن صعُب عليك بسبب البرد، أو غير ذلك فلا مشكلة..ويكفيك الوضوء.

البس ملابس الإحرام، وتنبه إلى أن المرأة تلبس ما شاءت من الملابس، ما دامت بالمواصفات الشرعية (طويلة-ساترة-فضفاضة)، ولا يشترط في ثياب النساء أن تكون خضراء، أو بيضاء، أو غير ذلك، فإن أي لون يصلح ما دام مشروعاً.

إن كنت في صلاة فصلّ مع الجماعة، أو صلّ ركعتين سنة الوضوء، أو تحية المسجد.

إن كنت تحج حجّ إفراد فقل: لبيك اللهم حجاً.

وإن كنت تحج حج قِران فقل: لبيك اللهم عمرة وحجاً.

وإن كنت تحج حج تمتُّع فقل: لبيك اللهم عمرة متمتعاً إلى الحج.

فإذا تحركت بك السيارة فابدأ التلبية.

لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك..لا شريك لك.

وإذا كنت تحج بالطائرة، فلتغتسل في بيتك، ثم البس ملابس الإحرام عند الإعلان عن قرب الميقات، ولا يلزم أن تكون متوضئاً عند الإحرام – وإن كان ذلك أفضل – ثم تلبي بالتلبية السابقة.

إليك با أختي الحاجة:

ليس لك ثباب معينة للإحرام..فكل الملابس وكل الألوان صالح لك، ما دامت ثيابك غير شفافة، ولا ضيقة ولا قصيرة، ولا كاشفة لشيء من البدن.

لا تضعي على وجهك شيئاً من الأصباغ والزينة، فإن كان التبرج خارج البيت حراماً في الأيام العادية، فهو الآن أشد حرمة.

لا تزاحمي الرجال، ووكِّلي عنك في الأشياء التي تجوز فيها الإنابة واستفيدي من الرخص الشرعية تخلصاً من الزحام، ومن جهل بعض الناس بالأحكام.

إذا أصابك دم حيض أو نفاس فلا تنزعجي – حتى لو كان ذلك من بداية الإحرام – وافعلي كل ما يعمله الحجاج من مناسك، إلا أن تدخلي الحرم طائفة بالكعبة.. ولكن عليك أن تطوفي بعد أن تتطهري.. وحجك مقبول إن شاء الله.

إذا كنت منتقبة فلا تغطي وجهك في الحج، إلا إذا كنت وسط الرجال من غير المحارم فاسدلي الغطاء على وجهك.

انتبهي لاستعمال الكريمات، والزيوت، والمواد التي تمنع وصول الماء للبشرة، فلا بد أن تضمني أن وضوءك صحيح لتكون صلاتك صحيحة.

بعد الإحرام من الميقات لا تمكني زوجك منك، ولو بالمقدمات فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج.

في العمرة أو الحج ليس عليك رمل ولا هرولة..فلا تمشي بسرعة، ولا تجري أثناء الطواف -كما يفعل الرجال- بل امشي وعليك السكينة والوقار، سواء حول الكعبة، أو أثناء السعي بين الصفا والمروة.

قبل مغادرتك مكة طوفي طواف الوداع، إلا إذا كنت حائضاً أو نفساء، فإن طواف الوداع يسقط عنك، وحجك كامل إن شاء الله تعالى.

بعد الإحرام

هناك قائمة ممنوعات فقد تكلفك جهداً ومالاً إن فعلت شيئاً فيها بعد الإحرام.

ممنوع: أن تلبس شيئاً مخيطاً على قدر عضو من البدن، كقميص أو سروال أو ثوب.

ممنوع: أن تحلق، أو تقصر، أو تنتف شيئاً من شعر بدنك ورأسك عمداً.

ممنوع: أن تستعمل الكولونيا، أو العطر، أو الصابون المعطر، أو المناديل المعطرة ونحو ذلك.

ممنوع: أن تضع على رأسك مباشرة غطاء كالطاقية، أو القبعة، أو الغترة أو الكاب، أما ما لا يلمس الرأس مباشرة كالشمسية، أو الجريدة فهو جائز.

ممنوع: قص الأظافر إلا إذا كان لضرورة طبية.

ممنوع: أن تقترب من امرأتك ولو بما دون الجماع من المقدمات.

ممنوع: أن تعقد النكاح لنفسك، أو لغيرك.

ممنوع: أن تقطع، أو تكسر، أو تحرق شيئاً من شجر الحرم إلا اليابس.

ممنوع: أن ترفع شيئاً (لُقطة) في الحرم، إلا لحمايته من الدوس والكسر، وسلّمه للشرطة لتخرج من العهدة الشرعية.

لو فعلت شيئاً مما سبق… ناسياً أو جاهلاً. فلا شيء عليك.

العمرة سهلة جداً

إذا وصلت إلى الحرم الشريف، ودخلت من أي باب فحدد موقع الحجر الأسود من الكعبة، وتوجه نحوه، واجعله عن يسارك، وابدأ الطواف سبعة أشواط.. كلها تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي إليه…

ومن علاماته الخط الأسود بالأرض،والإضاءة الخضراء على الجدران. لا تزاحم الناس، ولا تحرص على تقبيل الحجر ما دام هناك زحام، وحسبك الإشارة إليه باليد اليمنى، قائلاً: بسم الله، والله أكبر.

في الأشواط الثلاثة الأولى أسرع المشي بخطى قصيرة -إن استطعت، فهذا من السنة، ويسمى: الرمل -وارحم المسلمين من الدفع، ولا تغضب إذا دفعك أحدٌ.

اكشف كتفك الأيمن، وغَطِّ كتفك الأيسر في أشواط الطواف كلها.. وهذا يسمى الاضطباع ، و لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم إلا في طواف القدوم.

صلّ ركعتي الطواف، جاعلاً مقام إبراهيم بينك وبين الكعبة، وإلا ففي أي مكان إذا كان الزحام شديداً، واقرأ في الركعة الأولى: قل يا أيها الكافرون. وفي الثانية: قل هو الله أحد.

اشرب كثيراً كثيراً من ماء زمزم من عند البئر، أو من أي مكان من المسجد، وادعُ بما شئت من خير الدنيا والآخرة. فماء زمزم لما شرب له. وليست هناك صلاة لذلك… ولا أدعية مخصوصة.

اذهب إلى الصفا.. على يمينك إذا كان ظهرك للكعبة وبئر زمزم مردداً قوله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطَّوَّف بهما، ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم. ثم قف على الصفا مستقبلاً الكعبة، واحمد لله وكبر ثلاث مرات، رافعاً يديك. وادع بما شئت، ثم ابدأ السعي سبع مرات.. من الصفا إلى المروة تحسب مرة، ومن المروة إلى الصفا مرة، فأنت تبدأ من عند الصفا، وتنتهي عند المروة، وأكثر من الذكر والدعاء وقراءة القرآن.

لاحظ أن هناك عمودين ملونين بلون أخضر، قريباً من الصفا، فإذا كنت بينهما فأسرع ولا تَجْرِ وامشِ مشيك العادي قبلهما… أما المرأة فتمشي مشيها العادي في الأحوال كلها.

إذا انتهيت من السعي احلق رأسك، أو قصّر شعرك (بحيث يعم التقصير الرأس كله) يمكنك أن تخرج من المسجد قبل الحلق، وتذهب إلى مسكنك لتحلق هناك.. وبذلك تتم عمرتك.. إذا كنت تحج حج تمتـع فقط.

وأما إذا كنت قارناً أو مفرداً فيلزمك البقاء على إحرامك حتى الانتهاء من أعمال الحج يوم النحر.

إذا كنت تحج حج قران، أو حج تمتع، فإنه يلزمك أن تذبح يوم 10 من ذي الحجة أو بعده شاة أو سُبع بقرة أو سُبع جمل، فإن كنت لا تملك مالاً، فعليك صيام ثلاثة أيام في الحج (يمكن ذلك أيام 11،12،13 من ذي الحجة) وعليك أيضاً صيام سبعة أيام إذا رجعت بسلامة الله إلى أهلك.

والحج أيضاً … سهل جداً

الحج شعيرة سهلة يسيرة في زماننا، إذا كنت تعرف ما تفعل، وسنكون معك يوماً بيوم:

اليوم الأول: يوم التروية.. يوم 8 من ذي الحجة.

من السنة أيها الحاج أن تذهب إلى منى في هذا اليوم، وتبيت بها ليلة التاسع، ويستحب لك أن تُكثر من الدعاء والتلبية وأنت متوجه إليها.

وطبعاً إذا كنت حججت مفرداً، أو قارناً فإنك لا تزال بثياب الإحرام.. أما إن كنت متمتعاً فعليك أن تحرم بالحج وتلبس ملابس الإحرام.

المبيت في منى سنة باتفاق العلماء.. وفعلها أتباع النبي صلى الله عليه وسلم .. لكن لو لم تفعل فلا شيء عليك.

وتصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً من غير جمع.

اليوم الثاني: يوم وقفة عرفة… يوم 9 من ذي الحجة

اليوم تتوجه إلى عرفات، وهناك تصلي الظهر ركعتين، ثم تصلي العصر ركعتين بعدها مباشرة (قصراً وجمع تقديم)، وعرفة كلها مكان للوقوف، لكن الأفضل أن يكون وقوفك عند الصخرات أو قريباً منها.

اغتنم فرصة وجودك في عرفات، وأكثر من التذلل لربك الكبير المتعالي، ومن الذكر والاستغفار، وأظهر الخشوع والخضوع، وأعن غيرك على العبادة.. وأَرِ الله تعالى من نفسك خيراً، فهذا من أيام الرحمة.

بعد غروب الشمس توجه إلى المزدلفة وستصل غالباً بعد العشاء، فصل المغرب ثلاث ركعات ثم صلِّ العشاء ركعتين.. جمع تأخير.

ويجب أن تبقى في مزدلفة ، في أي مكان منها، في النصف الثاني من الليل -ولو قدراً يسيراً- والسنة المبيت فيها.

ويجوز لك أن تأخذ الحصى من مزدلفة، أو من أي مكان آخر، ويكون الحصى صغيراً في حجم حبة الفول (مثلاً).

من السنة أن تنام في مزدلفة لتريح بدنك، وأن تبقى بها حتى تصلي الفجر، وحتى يسفر الصبح.

لاحظ : كبار السن، والحوامل، والمرضى، يمكن أن يخرجوا من مزدلفة بعد منتصف الليل، اجتناباً للزحام .

اليوم الثالث: يوم النحر، يوم 10 ذي الحجة.

توجه من مزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة بسبع حصيات، واذبح هديك -إن كنت متمتعاً أو قارناً- واحلق شعرك، فإذا فعلت أي فعلين من ذلك. مثلاً الرمي والذبح، أو الذبح والحلق، أو الحلق والرمي تكون قد تحللت من إحرامك التحلل الأصغر، وعندئذ تلبس ثيابك العادية، ويباح لك كل شيء كان محرماً عليك إلا زوجتك.

توجه إلى مكة المكرمة، وطف طواف الإفاضة.

بعد طواف الإفاضة اِسعَ بين الصفا والمروة إن لم تكن قد سعيت بعد طواف القدوم، وبذلك تتحلل التحلل الثاني، وتباح لك زوجتك.

أي عمل عملته من الحلق، والرمي، والذبح، والطواف..قبل غيره، فلا حرج، فالترتيب هنا سنة.

احرص أثناء رمي الجمرات أن ترمي في الحوض، حتى لو لم تصب العمود المرتفع، ولا تَرْم بدل الحصى خشباً، ولا حجارة، ولا أحذية، فهذا مخالف.

يوم 11 من ذي الحجة: أول أيام التشريق

عليك -أخي الحاج، أختي الحاجة – أن تبيت معظم الليل بمنى كما سبق، وفي هذا اليوم ترمي الجمرات الثلاث، كل واحدة منها بسبع حصيات.. تبدأ رمي الجمرات الثلاث، كل من الجمرة الصغرى (البعيدة من مكة) ثم التي تليها، ثم التي تليها.. وفي الأمر سعة: ارم بعد العصر، أو بعد المغرب، بل حتى بعد منتصف الليل كما قال بعض العلماء، وإياك أن تؤذي نفسك، أو تؤذي المسلمين، ويستحب التكبير مع كل حصاة، والدعاء بعد الجمرة الأولى والثانية.

يوم 12 من ذي الحجة.. ثاني أيام التشريق.

ويوم 13 من ذي الحجة.. ثالث أيام التشريق.

بعد أن تبيت بمنى ليلة الثاني عشر ترمي الجمرات -بالطريقة السابقة- ثم إن أردت التعجل، والاكتفاء بذلك، والانصراف إلى محل إقامتك…فعليك أن تترك منى قبل غروب الشمس، فإن لم تتركها قبل الغروب لزمك أن تبيت لترمي في يوم 13 من ذي الحجة (ثالث أيام التشريق) أما إن تأخرت بسبب زحام أو نحوه فلا حرج إن شاء الله.

بذلك يكون حجك قد اكتمل.. تقبل الله منا ومنك.

فاسأل الله أن يثبت قلبك على الطاعة، وأن يرزقك العمل المتقبل وحسن الخاتمة.

هـل تعلــم؟

أن الحج ركن من أركان الإسلام، فُرض عليك مرة واحدة في العمر.

أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

وأنه لا يجب إلا على المستطيع: مالياً، وبدنياً، وعند توفر وسيلة النقل الآمن.

وأنه على ثلاثة أنواع:

الإفراد: بأن تنوي الحج وحده.. فتقول: لبيك اللهم حجاً.

والقران: بأن تجمع بين الحج والعمرة في وقت واحد، فتقول: لبيك عمرة وحجاً.. وعليك مقابل الجمع بين الحج والعمرة أن تذبح شاة لفقراء الحرم.

والتمتع: بأن تجمع بينهما.. على أن تتحلل من ثيابك بعد العمرة، وحتى بدء شعائر الحج يوم 8 من ذي الحجة، وعليك مقابل هذا التمتع أن تذبح شاة لفقراء المسلمين.

تقبل الله منا ومنكم، وختم أعمالنا وأعمالكم بالصالحات،،،

 


اترك تعليقاً