الحكمة من خلق الجن والإنس
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – : عن الحكمة من خلق الجن والإنس ؟
فأجاب قائلا : قبل أن أتكلم عن هذا السؤال أحب أن أنبه على قاعدة عامة فيما يخلقه الله – عز وجل – وفيما يشرعه .
وهذه القاعدة مأخوذة من قوله – تعالى – : ” وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ” ، وقوله : ” إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ” ، وغيرهما من الآيات الكثيرة الدالة على إثبات الحكمة لله – عز وجل – فيما يخلقه وفيما يشرعه أي في أحكامه الكونية ، وأحكامه الشرعية ، فإنه ما من شيء يخلقه الله – عز وجل – إلا وله حكمة سواء كان ذلك في إيجاده أو في إعدامه ، وما من شيء يشرعه الله – تعالى – إلا لحكمة سواء كان ذلك في إيجابه ، أو تحريمه ، أو إباحته ، لكن هذه الحكم التي يتضمنها حكمه الكوني والشرعي قد تكون معلومة لنا ، وقد تكون مجهولة ، وقد تكون معلومة لبعض الناس دون بعض حسب ما يؤتيهم الله – سبحانه وتعالى – من العلم والفهم ، إذا تقرر هذا فإننا نقول : إن الله – سبحانه وتعالى – خلق الجن والإنس لحكمة عظيمة وغاية حميدة ، وهي عبادته – تبارك وتعالى – كما قال – سبحانه وتعالى -: ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ” ، وقال – تعالى – : ” أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ” ، وقال – تعالى – : ” أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ” إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن لله – تعالى – حكمة بالغة من خلق الجن والإنس وهي عبادته ، والعبادة هي : ” التذلل لله – عز وجل – محبة وتعظيما بفعل أوامره واجتناب نواهيه على الوجه الذي جاءت به شرائعه ، قال الله – تعالى – : ” وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ” ، فهذه الحكمة من خلق الجن والإنس ، وعلى هذا فمن تمرد على ربه واستكبر عن عبادته فإنه يكون نابذا لهذه الحكمة التي خلق الله العباد من أجلها ، وفعله يشهد أن الله خلق الخلق عبثا وسدى ، وهو وإن لم يصرح بذلك لكن هذا هو مقتضى تمرده واستكباره عن طاعة ربه .
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين .